لأننا لم نمت
مايا ابو الحيات
لقد انتشلنا أطفالنا من أسفل العمارات وحاولنا تركيب رؤوسهم لتصبح الجثث كاملة.
الرماد في عيوننا لا يجعلنا نرى ما ترون.
لقد جفف أجدادنا دموعهم بخصلات مشاعرنا وهم يجرفون طين المخيمات عن أحذيتنا
القيود في أعناقنا لا تجعلنا نشعر بما تشعرون.
لقد غطتنا أمهاتنا بالأعلام والحرامات الثقيلة كي تحمينا من برد القبور والقوارب المهاجرة.
الدماء الناشفة في عروقنا لا تجعلنا نسمع ما تسمعون.
لقد أحطنا قلوبنا بقسوة الأسمنت لتتحمل وجع الفقد والدم وشظايا القنابل.
الحفر في أرواحنا لا تجعلنا نعلم ما تعلمون.
نحن لا نفرح لأنكم تموتون
نحن نفرح لأننا هذا اليوم لم نمت.
فكرة لا تُحتَمل
فارس سباعنة
كم هاوية على الغزالةِ أن تجرّب
كيّ تسير بِدَايَتَيْنِ بِلا سُقُوطٍ
أو ترى عن مقربة!
كم شهيداً في الصحيفةِ في انتظار التجربَة؟
هزّي إليكِ بما تبقى
فوق نخلتنا الفقيرة من أمَلْ
بدولةٍ تحنو علينا ...
إنَّ نبتنا كالفواصل بين أشباهِ الجُمَلْ
أنقذي الأيدي التي انتشرتْ حدوداً حول جيدِكْ
واقرئي حرفاً محاهُ الحزنُ يعوي في بريدكْ
أنقذينا مرةً ...
من كثرةِ الموتِ المُحاصَرِ بـ”الدُّوَل”.
أرشدينا أينَ نذهبُ؟
.. أخبرينا ما العَمَلْ؟!
ونحنُ كثرةَ ما احتملنا الموتَ صرنا
فكرةً لا تُحتَمَلْ.
أعزلُ في عزلة
عثمان حسين
أعزل و في عزلةٍ،
أطل من نافذتي على بقاياي، أرى مَن يدفنون رؤوسهم في رمالٍ تتحركُ، رافعين مؤخراتهم شاراتِ نصرٍ مقلوبة، أراهم زرافاتٍ زرافات.
وفي عزلتي يكْذبُ المنجمون دائماً، أو يجهلون غايتي، لذا، أفاجئ العزلة أحياناً، فأترجل خارج كهفي، أركل علبة كولا فارغة عدة أمتار إلى الأمام، وأواصل الطريق الى ساحة الجندي المجهول، كي أحتار وأرتبك أمام خليط العابرين الذين تجمعهم عيونهم المطفأة، وتفرقهم خصوماتٌ، وقصائد جائعة، لا شِعْر فيها ولا كلام يشبع جائعاً ملقى، لا يرى إلا أحذية بالية وسيقاناً أنهكها المسير.
أنسابُ في الزحام كأفعى، معتقداً أنني لا مرئي، وأنَّ عزلتي تغلَّفني.
فاجأتها وترجلتُ خارج كهفها، حاملاً حلماً يتشكل في كل حين، يصطدم في رؤوس الناس، تتكسر الرؤوس، وتتوزع أشلاء الحلم أفكاراً وحكاياتِ موتٍ، ليلاً وكوابيسَ، وسحاباتٍ جوفاء تتجول مثلي.
شاعر من غزة