فاضل عزيز فرمان في اتحاد كربلاء

ثقافة 2023/10/18
...

 كربلاء: صلاح حسن السيلاوي

احتفى اتحاد أدباء كربلاء بتجربة الشاعر فاضل عزيز فرمان عبر أمسية قرأ فيها الضيف آخر قصائده ونصوصاً أخرى من مجاميعه المتعددة، وأدارها الشاعر الدكتور عمار المسعودي وحضرها نخبة من أدباء ومثقفي وجمهور الشعر في المدينة.ابتدأ مدير الأمسية الشاعر الدكتور عمار المسعودي حديثه بقوله: الشعر فعل فطري جمالي محض، طفل تمَّ اختطافه لجماله ولقوة تأثيره من قبل كل الأيديولوجيات مذ تشكلها الأول ما أفقدنا شعريات ذوات هائلة.

- الشعر يقع خارج الزمنيَّة والفعل التاريخي، بل إنه يشاكس الأزمان الطبيعيَّة خالقاً أزماناً إبداعيَّة خالصة.
- للشعر أن ينأى بنفسه من صفات الخطاب فقد نضجت حدَّ التخمة الأدبيات الفسلفيّة والثقافيّة والسياسيّة والاجتماعيّة؛ لذا فهي جاهزة لاستعمالها في كل ذلك - الشعر لا ذكر الخبرات بل تهشيمها- وقد كان فاضل فرمان مدركاً بدءاً كل ذلك فنجا ونأى.
ثم بدأ الشاعر المحتفى به حديثاً عن الشعر وشيء من تجربته، استجاب بعد ذلك لطلب الجمهور بقراءة عدد من قصائده التي دوّنتُ جزءاً منها حيث ابتدأ بنص (مرايا مـُقتَرَحة.. لوجه الفتى الشاعري) التي قال فيها: يداهُ في الشـطآنْ، وروحُـهُ.. تبدو كصقرٍ حائرٍ، يحومُ فوقَ غابةِ الأحزانْ، يغوصُ في الماء طوال عمرهِ، ويشـتكي، من قلبه الظمآنْ! لم ألتَفتْ إليهِ، ساعةَ نادى: يا فتى تعالَ لي، لم ألتَفتْ إليهِ، لكنَ روحي هرَبتْ من جسَدي، وأسْلَمَتْ أجفانها للنوم، ما بين مروج الوردِ في يديهِ!.
ومن قصيدة أخرى هذا المقطع: شَـدّ على أصابع ـ يظنني أخافْ ـ أسـرجَ لي حصانهُ المُقَطّـع الأطرافْ، لوّحَ لي باللؤلؤ المكنون في الأصـدافْ، قلت له: يا سيدي العرّافْ، ماذا ترى يفعلهُ البحارُ في سفينةٍ مثقوبةٍ بطيبة الشراع والمجذافْ؟ أيقـظَ بيْ قصـيدةً وصاح  بيْ: الله! من يومها أصبحتُ مثلَ ريشةٍ، أطيرُ أو أحطّ مثلما يريدني هواهْ!
ومن قصيدة (محاولتان.. لرسم صورة الحب) قرأ فرمان: ليلٌ  باردْ ونشيجُ امرأةٍ، تَركتْها أيامُ الحربِ بلا رجلٍ تلتفُّ الآن بوحشتها، يا لقساوةِ هذا العالمْ!، رجلٌ وامرأةٌ في بيتٍ منسيٍ، في بيتٍ بائسْ. مبتهجانِ ـ على شظف العيشِ ـ يعدّان عشاءً لثلاثةْ! من ماءٍ ورغيفٍ يابسْ، زوجُ بلابل، ومزيجُ قلوبٍ وأنامل، يا لجمال العالم!.
ثم أجرى المسعودي حوارا مع الضيف سائلاً إيّاه عن بعض قضايا الشعر وما يراه في الشعريّة وهمومها فتحدث المحتفى به عن الشعر وبعض المشكلات التي تواجه الحياة الثقافيّة في البلاد، كما أبدى اهتماماً واضحاً بالحديث عن الاشكال الشعريّة وقرأ عدداً من نصوصه التي توزعت بين تلك الاشكال، ثم ختم القراءات الشعريّة بنص (دموع الكمان) الذي قال فيه:
 عندما تنفرطُ الخضرةُ في العمر سنيناً وشهوراً وثواني، عندما تبصرُ في ساعتك الرمليَّة الأيّام تمضي بانتظامٍ دون أن تسأل عن أي اختلالٍ لاتزانِ. عندما ينحسرُ الماء الذي يجري من الينبوع للشلالِ للجدولِ للساقية النشوى إلى الوردةِ، إذ تختصر الشعبَ الربيعي، الذي ينشدُ للحُسن كما يهوى على شعر الحِسانِ. عندما تبصرُ عينيها، وفي كلِّ المرايا في منافيك وتشكو: لا تراني! عندما ينتشرُ الشيبُ على الرأسِ وتبدو في اليد المترفةِ الجذلى عروقُ السنديانِ، عندما تنكسرُ الساقُ ولا تبقى سوى الحكمةُ والتاريخُ في رأسِ الحصانِ، عندما ينكفئُ الصقرُ إلى الوادي كئيباً، في ختام الرحلةِ المأساة والملهاة من عصر الذرى الأبهى إلى وادي الهوانِ، عندها، عندها يا صاحبي لاترتجي، غير مسيل الدمعِ مدراراً على خدِّ الكمانِ!.
قدم بعد ذلك الناقد الدكتور عمار الياسري قراءة نقديَّة عن شعريَّة المفارقة في مجموعة لا توقظوه أنّه يحلم للمحتفى به. تحدث في بدايتها عن الصّيرورة الأولى لنظريّة الأجناس الأدبيّة التي اشتغلت على تقعيدها تنظيرات فلسفيَّة لفلاسفة الإغريق (سقراط) و(أفلاطون) و(أرسطو)، إذ وضعت للمفارقة حيزاً جمالياً ضمن الترسيمة البنيويّة للنصوص الإبداعيّة، مشيراً إلى عدم خلو طروحات النقد العربي القديم سواء كانت للجاحظ أم للجرجانيّ من توصيفات للجماليّات النصيّة المفارقة، ثم قرأ الياسري ملخصاً لقراءته النقديّة التي تحدث فيها عن ميزات المفارقة الشعرية التي استعملها فرمان والأساليب التي ذهب إلى استخدامها الشاعر لتثوير الطاقة الشعريّة في نصوصه.
وشهدت الأمسية مداخلات أخرى قدمها الشاعر الدكتور علاوي كاظم كشيش، والباحث المغترب الدكتور نضير الخزرجي، واختتمت بتوقيع الشاعر لعدد من إصداراته للجمهور، كما قدم الاتحاد شهادة تقديريَّة للشاعر المحتفى به تثميناً لمنجزه الإبداعي سلّمها نيابة عن الهيئة الإداريّة ضيّف الأمسية الإعلامي عماد الخفاجي.