تيم نيوكوم
ترجمة: أنيس الصفار
مادة جديدة ابتكرها فريقٌ من الباحثين باستخدام هيكليَّة الحامض النووي "دي أن أي" والزجاج الخالي من العيوب.
هذه السليكا، عالية القوة خفيفة الوزن المصممة بتقنية النانو، هي الآن أقوى مادة معروفة قياساً الى كثافتها، وهي تتصفُ بكونها أخف خمس مرات من الفولاذ وأقوى بأربعة أضعاف، كما جاء في دراسة نشرتها مجلة "سيل ريبورتس فزيكال ساينس".
الجمع بين خاصيتي القوة وخفة الوزن في المواد مسعى لن ينتهي الشد والجذب فيه، بيد أنَّ هاتين الخاصيتين أمكن جمعهما معاً بفضل الهيكل البنائي للحامض النووي "دي أن أي" والزجاج، كما يقول فريق البحث.
يقول عالم المواد النانوية "أوليغ غانغ" من جامعة كولومبيا إنَّه استوحى الفكرة من بذلة سوبرمان "الرجل الحديدي"، نسيج خفيف لا يعيق الطيران وشديد القوة كي يحمي مرتديه.
المادة الجديدة مكونة من أنسجة زجاجيَّة نانويَّة، بعد أنْ تأكد أنها أفضل من أية مواد هيكليَّة أخرى، ولكن لماذا اختير الزجاج بالذات؟ يقول العلماء من جامعة كونتيكوت في كولومبيا ومختبر بروكلين الوطني إنَّ الزجاج حين يخلو من العيوب يصبح المادة المثاليَّة لابتداع أنواعٍ جديدة من المواد.
فالحديد مثلاً قادرٌ على تحمل ضغط يصل الى 7 أطنان للسنتيمتر المربع الواحد، في حين يستطيع سنتيمتر مكعب من الزجاج الخالي من العيوب أنْ يتحمل ضغطاً يصل الى 10 أطنان (أي ثلاثة أضعاف الضغط الذي سحق الغواصة تيتان كما يقول العلماء).
الشائع عن الزجاج أنَّه يتهشم بسهولة ويتطاير شظايا، لكنَّ هذه الخاصيَّة مردُّها في الواقع وجود عيوبٍ في مادته. لذا فإنَّ تخليصه من العيوب هو ما يمنحه خفة الوزن والقوة معاً.
لأجل صنع زجاجٍ خالٍ من العيوب استخدم الفريق عينة يقل سمكها عن مايكرومتر واحد، لأنَّ الزجاج يكون خالياً من العيوب تقريباً في مثل هذا السمك الرقيق كما يكون أقل كثافة من المواد الأخرى وحتى من
السيراميك.
بعد ذلك أنشأ الفريق شبكة من "دي أن أي" وكسوها بمادة شبيهة بالزجاج لا يتعدى سمكها بضع مئات من الذرات. إكساء خويطات "دي أن أي" يخلّف فراغات بينيَّة في أجزاءٍ من كتلة المادة، وهذا الهيكل الذي قوامه "دي أن أي" هو الذي يكسب الغلاف الرقيق، المتكون من زجاج خالٍ من العيوب، قوّة في حين تجعله الفراغات البينية أخف وزناً.
تقول الدراسة إنَّ تناسق عناصر طبقة السليكا ذات السمك النانوي هو الذي أوجد ستراتيجيَّة فعالة لصنع موادّ مهندسة نانوياً ذات خصائص ميكانيكيَّة فائقة، ويعتقد الفريق أنَّ هذه مجرد البداية.
يقول غانغ: "القدرة على خلق مواد نانويَّة مصممة بأطرٍ ثلاثيَّة الأبعاد من خلال استخدام الحامض النووي "دي أن أي" ثم معدنتها سوف تفتح فرصاً هائلة لهندسة الخصائص الميكانيكيَّة. لكنَّ الأمر لا يزال بحاجة الى مزيدٍ من الأبحاث قبل أنْ نتمكن من استخدامها كتكنولوجيا".
يعملُ الفريقُ حالياً على توظيف تصميم الهيكل البنائي للحامض النووي نفسه في تطوير موادّ أخرى، إلا أنَّه تحول الى استخدام مادة السيراميك المكربد الأقوى من الزجاج. سيجري الفريق أيضاً تجارب على هياكل بنائيَّة مختلفة من الحامض "دي أن أي" لمعرفة أيها سيجعل المادة أقوى.
عن مجلة {بوبيولر ميكانكس}