الطوفان العسكري والسياسي

آراء 2023/10/31
...

 كاظم الحسن 


غالبا ما تنتقل مصطلحات الطبيعة وآثارها، إلى حقل العسكرة والسياسة والحروب مثل (عاصفة الصحراء, طوفان القدس..). وهذه التسميات، لها دلالات ورمزيات خاصة بها، والطبيعةلا ترحم حين تنطلق من أحشائها الزلالزل والبراكين والأعاصير، وهي خاصة بالعصر الحديث. 

في حين كانت في السابق التسميات، تأخذ طابع المكان، مثل غزوة احد والتي تعني جبل احد، أو بدر بئر بدر، أو معركة الجمل تأخذ معناها المعروف وهكذا الاستعارات اللغوية تكون، أما ما يسمى غضب الطبيعة أو من المكان. اما معركة طوفان الاقصى، فقد جمعت ما بين فيضان عظيم أغرق الارض وغمر اليابسة أيام نوح والمقدس. 

وما يجري الآن في غزة، حرب فيها التجويع والقتل والترويع والإبادة بحق الناس العزل في غزة، والمجتمع الدولي لا يستطيع فرض هدنة لأسباب إنسانية، لأن الفيتو الأميركي بالمرصاد، دعما لأسرائيل المنفلتة عن القوانين والأعراف الإنسانيَّة. إن التلويح بالاجتياح البري لغزة، وإن كان قد بدأ بشكل محدود رغم المناشدات الدولية، التي تحذر من من الخسائر البشرية، يدل على أن المجتمع الدولي أو الغربي يتعاطف مع إسرائيل، حتى لو تم التهجير القسري، وهناك مساعٍ لكي تكون سيناء مصر أو الأردن هي واجهة المهجرين، وهذا ما حدا بالرئيس المصري الى القول إن مصر لن تقبل بأن تكون تصفية القضية الفلسطينيَّة على حساب مصر، وفي تصريح سابق له، إن تمت هذه التصفية، معنى ذلك نقل القتال إلى مصر، وفضّل ان تكون صحراء النقب، هي مأوى المهجرين.

لكن إسرائيل ترى أن دورها إخلاء مسؤوليتها عن غزة، وتدعي انها مشكلة دولية، وهكذا أصبح أهالي غزة في مهب الريح، وتتقاذف بهم التصريحات السياسية المتضاربة على إيقاع الاستقطاب والانقسام بين الأمم والشعوب،على نفس أزمة أوكرانيا ولكن ليس كما حصل لها، حيث اكتفى الغرب في تزويدها بالاسلحة فقط، وتجنب الدخول معهم على خط المعركة، وكان يعي حلف الاطلس بأن ذلك سوف تكون مواجهة نووية وليس من مصلحته أن تحدث، بل اشترط الغرب أن الأسلحة يجب ألّا تصل إلى ضرب روسيا وأن تقتصر على الأراضي المحتلة. وهكذا موازين القوى حسمت الموقف العسكري لصالح روسيا. بينما لا يوجد مثل هكذا حال بين العرب واميركا واسرائيل.عقد مؤتمر يالطا في شبه جزيرة القرم بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بين الدول المنتصرة الثلاث، وهي الاتحاد السوفيتي السابق بزعامة ستالين والولايات المتحدة الاميركية برئاسة روزفلت وبريطانيا التي مثلها تشرشل لتقسيم الغنائم بينهما، وحين هم بالكلام رئيس وزراء بريطانيا، بشأن حضور البابا معهم، قال له ستالين ساخرا : «البابا كم يملك من الدبابات، ليجلس معنا، المعيار الحقيقي للحروب هو القوة» وقد عبر عن ذلك ببلاغة امير الشعراء أحمد شوقي: 

وما نيل المطالب بالتمني

 ولكن تؤخذ الدنيا غلابا