زهير كاظم عبود
منظمة حماس الفلسطينيَّة لا تمثل جميع الشعب الفلسطيني، ولا يمكن اختزال كل النضال والكفاح المشروع من أجل الحقوق الفلسطينيَّة بهذا التنظيم، وقد يختلف البعض بين من يجد أن النتائج الكارثية التي تحققت وما ستتحقق لاحقا على الأرض الفلسطينيَّة
لا تشكل توازنا، يوحي بميل كفة الانتصار لصالح القضية الفلسطينيَّة، وبين من يجد أن ما تحقق على الأرض الفلسطينيَّة جسّد بشكل ملموس خواء القدرات الاستخباريَّة الفلسطينيَّة وإمكانية تمريغ أنف الجيش الإسرائيلي بالوحل، وأيضا أبرز بشكل واضح ومكشوف الموقف العربي المتناقض في قضية التطبيع والخنوع، التي تعاني منها بعض القيادات العربيَّة.
وسواء كان هناك من يتمسك بالتصنيف الأمريكي لمنظمة حماس، باعتبارها تنظيما إرهابيا، أو ممن يرى أن تنظيم حماس حقق شرخا في طموح الفلسطينيين، وأضعف قدرات الحكومة الفلسطينيَّة، واقتطع قطاع غزة المتكون من أربع محافظات من الجسد الرسمي للسلطة.
ومهما تباينت الأفكار والتحليل السياسي للأحداث، وما يدور على الساحة الفلسطينيَّة بشكل عام، وفي غزة بشكل خاص، حيث تستمر مطحنة بشرية وقودها الناس والحجارة، وشعب أعزل محاصر، تحت رحمة الصواريخ والقنابل، ورصاص الطائرات الإسرائيليَّة وصل عدد الشهداء اكثر من ثمانية آلاف شهيد ومئات الآلاف من الجرحى والمعاقين، ولا يمكن التعرف على اعداد المفقودين والمدفونين تحت انقاض البنايات التي هدمتها الصواريخ الإسرائيليَّة، وسط أبشع حصار مر على التاريخ الإنساني، حيث تم قطع الماء والكهرباء والوقود والغذاء والدواء منذ اليوم الأول لإعلان منظمة حماس البدء بعملية طوفان الأقصى، جميع الشهداء والمفقودين والمدفونين تحت انقاض المباني من المدنيين، واكثرهم من الأطفال والنساء وكبار السن من العجائز والشيوخ، والقوات الإسرائيليَّة مستمرة في هجومها (البربري) ليس على منظمة حماس، إنما على المواطنين المدنيين من أهالي غزة ومحيطها ومدن الضفة الغربية، وحالة الاستنفار وإعلان الأحكام العرفية التي أعلنتها دولة إسرائيل إمعانا وإيغالا بمحاصرة الشعب الفلسطيني، وبقصد إيقاع اكبر الخسائر والألم والأذى بحق المحاصرين، دون أي اعتبار للقوانين الدولية والأعراف والتقاليد، التي تتبعها الدول في الحروب والقتال، ودون أي اعتبار حتى لقوانين الاخلاق والقيم والفروسية.
الذريعة التي تتمسك بها إسرائيل أن لدى منظمة حماس أسرى تطلب إخلاء سبيلهم، وهي بهذا تقر وتعترف بان أسراها لدى تنظيم حماس، وليس لدى الشعب الفلسطيني، غير انها تمارس جرائم القتل المستمر، والذي يكشف ان الدولة الإسرائيليَّة تعتقد انها بهذا الفعل الذي يعبر عن سلوكها العسكري والسياسي والقانوني، ستقضي على التنظيمات المسلحة على الأرض الفلسطينيَّة المحتلة، وأنها ستتمكن من إخلاء منطقة غزة بأكملها بعد أن هدمت بشكل كامل الأبنية والمشيدات والبيوت والأسواق، وطالبت أهلها بالنزوح لإرغامهم على مغادرة المنطقة واللجوء إلى مناطق فلسطينية في الضفة الغربية، وحتى يمكن تحقيق سيطرة إسرائيل على جميع الساحل الفلسطيني المواجه للبحر، وتأمين حماية مدنها وساكنيها والمستوطنات الواقعة في محيطها وغلافها، غير أنها تنسى أو تتناسى بأن هذا السيناريو لن يوفر لها الأمان والسلام، وانها تحارب شعبا اعزل تقتل منه يوميا مئات الأفراد وتهدم بيوتهم فوق ساكنيها، وبهذا يشطب قطعا على أي فسحة للسلام أو لمناقشة قضية الحقوق.