فلسطين قضيَّة تعود إلى الألق

آراء 2023/11/01
...

 أ.د. عامر حسن فياض

 

للأسبوع الرابع وربما حتى للأسبوع العاشر وما بعده بكثير، لن نتلمس سوى شيء فلسطيني يتمثل بإعادة الحياة لقضيَّة حركة التحرر الوطني الفلسطيني، كاد العالم أن ينساها مقابل لا شيء صهيوني غربي أمريكي يذكر يتمثل بالانتقام ثم الانتقام ثم الانتقام.

إن سماء غزة لم تكن قبل طوفان الأقصى لغزة وإن أرض غزة مع الطوفان عليها بشر يذبح وحجر يهشم، أما تحت أرض غزة فإنه يبقى يحتضن مقاومة هي جذوة الطوفان التي لا ولن تنضب بعد اليوم.

إن طوفان الأقصى أثبت أن هدف التطبيع، الذي إرادته الصهيونية أصبح لا شيء وأن قبر التطبيع أصبح شيئاً جاهزاً للردم مرة واحدة إلى الأبد. كما أن طوفان الأقصى أثبت أن القضيَّة الفلسطينيَّة هي قضيَّة كل أحرار العالم، بينما الصهيونية الإسرائيلية الأمريكية الغربية كشفت عن حقيقتها مشروعاً استعمارياً غربياً وحركة عنصرية متوحشة. بل إن طوفان الأقصى أثبت أن أمريكا والغرب حلفاء غير موثوق بهم، وأن الاستقواء بهم مضيعة للوقت والكرامة.

وكما على قادة ومسلمين دخلت كرامتهم في غيبوبة، فان على قادة الغرب أن يتعلموا الدروس، فالمقاومة الفيتناميَّة هزمت الولايات المتحدة الأمريكيَّة والمقاومة الجزائرية هزمت فرنسا، والمقاومة الأفغانية طردت الولايات المتحدة الأمريكيَّة، والمقاومة العراقيَّة أخرجت الولايات المتحدة الأمريكيَّة، أما المقاوم الفلسطيني فإنه سيهزم الحلف الصهيوني الأمريكي الأوروبي. وعلى هذا الحلف أن يصحو ويدرك ان الكيان الصهيوني لم يعد صالحاً كسلاح يجعل أمن مصالحهم في المنطقة آمنا.

إن داخل هذا الكيان مأزوم ومتوتر ومنقسم أفقيا وعمودياً، وأن أسطورة الاقتصاد المنيع لهذا الكيان أزيحت.

ومنذ اليوم الأول لطوفان الأقصى بلغت خسارة البورصة في اقتصاده (20) مليار دولار، وبعد اليوم ستكون الخسارة يومياً (12) مليار دولار والمعامل تعطلت عن العمل، والزراعة تعثرت والشوارع فرغت، والأسواق أغلقت والسياحة دخلت الإنعاش، والمستثمر غادر وحملة الجنسيتين فرّوا جواً وبحراً.

وبعد طوفان الأقصى أصبح نزوح الفلسطيني أما إلى السماء شهيداً، أو إلى داخل فلسطين المحتلة محرراً. ولم تعد القضيَّة الفلسطينيَّة قضيَّة إنسانية ولا قضيَّة دينية، كما أرادها أصحاب سرديات التطبيع العربية والتفاوض الفلسطينيَّة، وصولاً إلى سردية الانتقام والإبادة والتهجير الصهيونيَّة الأمريكيَّة الأوروبيَّة، بل هي قضيَّة سياسية بامتياز... أي قضيَّة تحرر وطني فلسطيني، وأن فلسطين لم ولن تغفر لمن سكت عن إسناد ودعم نهجها المقاوم وتجاهل سرديتها المقاومة.