هتلر ونتنياهو

آراء 2023/11/05
...

غازي فيصل

تعد حكومة نتنياهو الإسرائيليَّة الأكثر تطرّفاً، والأكثر عنصريَّة، والأكثر فاشيَّةً في تاريخ المنطقة، إلّا أنّ هذا التغيير الخطير لم يخرج عن سياق تطور الحركة الصهيونية ومساره في فلسطين، وتجاه الشعب الفلسطيني، فهي ليست الحكومة العنصرية الأولى أو الوحيدة، بل يمكن القول إنّ جميع حكومات إسرائيل منذ نشوئها كانت عنصرية، ولم تكن مصادفةً أن تصنّف الجمعية العامة للأمم المتحدة، في قرار لها عام 1975، الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، إلى أن ألغي هذا القرار بضغط هائل من الولايات المتحدة، ونتيجة تراخي بعض الدول العربية، ومثلت النكبة التي ارتُكبت ضد الشعب الفلسطيني عام 1948، وتهجير 70% من سكّان فلسطين، وتدمير 530 قرية وبلدة، وإخضاع من بقوا على أرض وطنهم لحكم عسكريٍّ عنصريٍّ بغيض، أنموذجاً لأسوأ أشكال الممارسات العنصرية في التاريخ الحديث، التي تجسّدت في التطهير العرقي ضد غالبية الشعب الفلسطيني.
إنّ العنصرية العميقة التي تغلغلت في بنيان المجتمع الإسرائيلي تزاوجت مع تصاعد الأصولية الدينية اليهوديَّة، فولدت حركة كاخ الإرهابية، التي اسسها الحاخام مائير كاهانا وكان بن غفير من اتباعها ثم شكلا أحزاباً فاشية جديدة، تؤمن بما يسمّونها (العظمة اليهوديَّة)، أي تفوّق العرق اليهودي، ويذكّرنا ذلك بما كان النازيون يطرحونه عن (تفوّق العرق الآري).
اقتحام بن غفير المسجد الأقصى، بالتنسيق مع نتنياهو، بعد أن صار وزيراً للأمن، ترافق مع هجوم دنيء على مقابر مسيحية في القدس وتحطيم شواهد القبور فيها، وليس صحيحاً ادّعاء أنّ نتنياهو ضعيف أمام هذه الحركات الفاشية، لأنّه في الواقع الراعي الأول لما تحمله من أفكار تطرّف عنصرية، وهو يمثل امتداداً للتطرّف الذي مثله جابوتنسكي ومساعده الذي كان والد نتنياهو.
ونتنياهو الذي عبّر بصراحة، في كتابه “مكان تحت الشمس”، الذي أصدره عام 1994، عن رفضه فكرة سلام مع الفلسطينيين، ومعارضته قيام دولة لهم، وحتى اتفاق أوسلو بكلّ مساوئه وظلمه للفلسطينيين، يستغلّ هذه الأحزاب الفاشية ليوهم الآخرين بأنه أكثر اعتدالاً، في حين أنه أكثر من ساهم في بناء منظومة الأبرتهايد والتمييز العنصري الإسرائيليَّة، وهو من دفع في اتجاه إقرار قانون القومية اليهوديَّة العنصري في الكنيست،
لا يوجد فرق بين هوس هتلر بالعرق الآري، وفهم إسرائيل بأن هذه الأراضي هي فقط لليهود، موضحا أن ذهنية هتلر التي قادت العالم إلى كارثة كبيرة تنتعش مرة أخرى لدى بعض القادة الإسرائيليين وخصوصا نتنياهو
إن قساوة فاشيته اليوم اتجاه قطاع غزة، ليست أدنى بأي حال من الأحوال، إن لم تكن متفوقة على فاشية هتلر.