عبقريَّة الصمت: رسائل الحرب غير اللفظيَّة

آراء 2023/11/07
...

سيف ضياء

وفقًا للتطورات الحاليَّة في منطقة الشرق الأوسط والمتعلقة بعمليَّة «طوفان الأقصى»، يُعتقد أنَّ الصراع بين الكيان الصهيوني وقطاع غزة لن ينتهي عند هذا الحد، إذ تشير المعطيات الحاليَّة إلى اتساع رقعة العمليات العسكريَّة لتشمل دولًا أخرى في الشرق الأوسط مثل لبنان وسوريا والعراق، بالإضافة إلى إيران، إذ تجدر الإشارة هنا الى التدريبات المكثفة من قبل القوات المتحالفة مع إيران في المنطقة، بما في ذلك حزب الله اللبناني، عبر سلسلة من المناورات العسكريَّة المستمرة على الحدود مع الكيان، ناهيك عمَّا تُظهِره القدرات العسكريَّة لحزب الله من تطورٍ هائلٍ، على وجه الخصوص في المناورات الأخيرة التي دعا إليها الحزب وتمَّت تغطيتها من وسائل الإعلام العالميَّة وهي المرة الأولى التي يسمح بها بالتغطية الإعلاميَّة لهكذا فعاليات، إذ يُعدُّ هذا الفعل وحسب آراء بعض المختصين رسالة ردعٍ واضحة إلى الكيان الصهيوني مع ما كشفت عنه الجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة مؤخرًا من صواريخ متطورة مثل صاروخ خيبر البالستي المتطور وصاروخ طوفان الذي حمل اسم العمليَّة، وصاروخ فتاح كأول صاروخ فرط صوتي إيراني، ما يُظهِر تصعيدًا واضحًا في القدرات الصاروخيَّة لها، إذ تتجلى رسائل الحرب غير اللفظيَّة بوضوحٍ من خلال هذا التصعيد المتزامن مع تصاعد الخطابات الإعلاميَّة، مثل تصريحات كيم جونغ أون رئيس كوريا الشماليَّة التي أكدت أنَّ فلسطين ليست قضيَّة العرب والمسلمين فحسب، بل قضيَّة كل إنسانٍ حر، وأيضًا تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي أشار فيها إلى أنَّ حماس ليست تنظيمًا إرهابيًا بل منظمة تحرريَّة تدافع عن شعبها وأرضها، وتأتي هذه التصريحات في ظل موقف الصين التي نشرت ستَّ سفنٍ حربيَّة في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك مدمرة مزودة بصواريخ عالية الدقة، كرد فعلٍ على حاملات الطائرات الأميركيَّة جيرالد فورد، أيزنهاور التي تعود للشرق الأوسط، إذ تعدُّ الأولى الأكثر تطورًا في العالم، وتبلغ قدرتها الاستيعابيَّة 75 طائرة، وكذلك فإنها مزودة بمفاعل نووي. أما الثانية فتعدّ جزءاً من تاريخ البحريَّة الأميركيَّة بالمنطقة، ويأتي هذا الموقف كرد فعلٍ على رفض الصين ودفاعها عن مصالحها الاقتصاديَّة خصوصاً أنَّ مشروع قناة بن غوريون المائي والذي أعلن عنه الكيان الصهيوني بوقتٍ سابقٍ يمثلُ ضربة لمشروعها طريق الحرير، وهو نفس المشروع الذي تطمح لإكماله الدول الأوروبيَّة للتخلص من الحصار الروسي في ما يتعلق بمصادر الطاقة، وهذا ما يفسر الزيارات المتكررة والدعم المستمر للكيان الصهيوني من قبل قادة الغرب وتغاضيهم عن الجرائم التي يقوم بها سلاح الطيران الصهيوني ضد العزل من أطفال وشيوخ ونساء في غزة. هذا من جانب، أما من جانب آخر فيشهد الخطاب الروسي تصاعدًا في التوتر، إذ إنَّ الروس يعدون الكيان الصهيوني الإسرائيلي جزءًا من المنظومة الغربيَّة المعادية لروسيا، وتعدُّ مصر التي تجاور هذا الكيان وتلعب دورًا مهمًا في المنطقة، جزءًا من التحالف الأفريقي الروسي الجديد والبوابة التي من الممكن أنْ تكون جبهة جديدة ضد الكيان الصهيوني خصوصاً أنَّ الكيان يطالب الفلسطينين في غزة بالنزوح الى منطقة سيناء في مصر كون غزة تقع ضمن منطقة المشروع سابق الذكر لذلك يجب إخلاؤها بالكامل، فضلاً عن تضرر المصالح المصريَّة من هذه القناة المقرر إنشاؤها خلال ثلاث سنوات حسب ما أعلن عنه الكيان الصهيوني.
خلاصة القول واستناداً الى ما سبق من تطورات، نستنتج أنَّ المنطقة تواجه احتماليَّة نشوب حربٍ كبرى في المستقبل القريب، إذ إنَّ تصاعد التوترات والتحركات العسكريَّة والتصعيد الإعلامي والسياسي يشيران إلى أنَّ هناك تصاعدًا في الصراعات وخطر انتشارها إلى دولٍ أخرى في المنطقة وكذلك العالم.