حسين الذكر
قبل كل شيء علينا الاعتراف بثوابت سياسيَّة تاريخيَّة لن تتغير أمنياً وعسكرياً واقتصادياً؛ كونها تمثلُ أداءً استراتيجياً للقوى المحركة للملفات المشار إليها:
1 – إنَّ كلَّ حدثٍ عالمي مؤثرٍ في الرأي العام والمصالح الدوليَّة لا بُدَّ أنْ يكون قد مرَّ بمرحلة الدراسة والتهيئة التي جزءٌ منها الاتفاقات وهذه الاتفاقات إقليميَّة أو دوليَّة هي تخصُّ خط الأحداث وتوقعاتها قبل الحدث وأثناءه وبعد الحدث.
2 - الكثير من الأحداث تظهر على الساحة في زمانٍ ومكانٍ معينين لكنها ليس بالضرورة تستهدف ذلك الزمكان ولا يمكن التقيد فيه، فالملفات السياسيَّة الأمنيَّة العسكريَّة الاقتصاديَّة لا سيما ذات الجنبة الاستراتيجيَّة تكون مترابطة وإنْ تباعدت الأهداف والبيئة والأجواء والنتائج.
وفقاً لذلك فإنَّ توسيع الرقعة الحربيَّة وشمول أهدافٍ أبعد ربما كان وما زال يعدُّ هدفاً ينسجم مع ما يحدث في غزة. لكنَّ نتائج الضربة الأولى من طوفان الأقصى وما خلفته من ردة فعل الصدمة المتمثل بالإبادة الجمعيَّة لكل شيء مع إخفاق الإسرائيليين في تحقيق أهدافٍ علنيَّة متوخاة من تلك الهجمات العنيفة المؤلمة في الرأي العام العالمي والتي لا تتناسب مع حجم التوازن، لا سيما ما يتعلق بها من إجراءات وهجمات لحقت الأطفال والنساء وكبار السن والبِنْية التحتيَّة المدنيَّة التي لا يمكن أنْ تُبرّرَ تحت أي عذرٍ كان، جعل الطرفين وكأنَّهما يتمترسان خلف الخنادق يترقبان حسابات النتائج لفعلٍ وردة فعلٍ كلٍ منهم، لا سيما ما ينعكس منه عربياً وإقليمياً وإسلامياً ودولياً. مع اللاعبين الدوليين والإقليميين الذين يحاول كلٌ منهم الإفادة مما حدث لتعزيز مواقعه وتحسين ملفاته بما يبدو أنَّ المشاهد المتمخضة حتى الآن لا تسمح بالتوسعة وتطوير الأحداث أبعد مما رسم لها منذ الصولة الأولى، ما يفتح الباب لإمكانيَّة إيجاد حلٍ على مستوى إقليمي ودولي يبدأ بالتهدئة ثم مفاوضات تبادل الأسرى ثم هدنة إيقاف اطلاق النار ثم تدخل حيز الطاولة الدوليَّة للبحث عن مخارج حقيقيَّة ما بين حل الدولتين والالتزام بقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن والأعراف الدوليَّة ومحاولة دخول أطرافٍ على الخط لإعادة البناء وتعويض الخسائر الدوليَّة وتهدئة الموقف العام ولو مؤقتاً. حتى تجري عجلة الحياة لأحداثٍ أخرى قريبة أو بعيدة عن ذلك.