زهير الجبوري
يبدو للوهلة الأولى أن موضوع المجازر التي تحصل في الشرق الوسط يعد اخطر ما مرّ به الإنسان عبر قرون، غير أن ذلك لا يقتصر في منطقة الشرق الوسط، إنما في أماكن متعددة في أوروبا كالحرب بين روسيا وأوكرانيا، وفي أفريقيا وما يحدث في جنوبها، وفي شرق آسيا وأمريكا الجنوبية،
وغيرها من المناطق الملتهبة في العالم، ولا بد من الإشارة إلى أن ما يحصل أمر طبيعي في ظل ما يفكر به الإنسان، وما ينوي من تحقيق مبتغاه في السيطرة على الأشياء، التي يرغب في تحقيق نواياه المشروعة وغير المشروعة.
الأوضاع التي تحصل في فلسطين المحتلة وما ترافقها من أحداث ملتهبة، ذهب ضحيتها أبناء الشعب الفلسطيني، وكذلك الإسرائيلي أصبح موضوعا جدليا منذ عقود، وما يؤسفنا أن الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، الذين ذهبوا ضحية هذه الأوضاع، إنما توارثوا ما فعله أجدادهم، ففي الوقت الذي يتمنى كلّ إنسان عربي أو شرقي أنْ يحلّ الأمن والسلام في الأرض الفلسطينية، سرعان ما تحصل بعض الأحداث الملتهبة، وهذا ما يؤلم الجميع ممن يجد في الإنسانية المُثل العليا في السلوك والتعايش، ويبقى السؤال الجوهري: إلى أي مدى تسير الأوضاع هذه في الاضطراب؟ ففي زمن الإنسان العولمي، الذي حلل ودرس قيمة الذات العليا، بعيدا عن التناحرات العرقية والقومية والأيديولوجية، نشاهد كيف للغة النار والقتل والموت هي المهيمنة والحاضرة.
باعتقادٍ خاص أنَّ لوسائل الأعلام الدور الكبير في تأجيج هذه المجازر، لأنها تقوم على مبدأ التواصل (التشويشي) القائم على إثارة الحدث، وكيف أن لهذه الوسائل أنظمة (مبرمجة) تقوم على نقل الصورة المؤججة لثنائية (المهاجم والمتصدي)،أو بالأحرى بين (المحتل والمقاوم)، ولا أدري إنْ وافقني الرأي أحد، هل باستطاعة وسائل الإعلام إيجاد حلول لهذه الأزمة؟ بدلا من نقل ما يجري من سفك الدماء! فالمسألة لا بدَّ أنْ تمضي باتجاه العقل والحلول السلمية، عبر الاتفاق في جعل القضية الفلسطينية هي قضية إنسانية أفضل من كونها عربية، ولعل هذا الأمر يقف عند عامة الناس، ممن ينتمي إلى الأممية التي تصل الى الذات البشرية، وما تشعر به من إحساس بالوجود وتحترم جميع الانتماءات..
كما تشير بعض وسائل الاتصال (الميديا) إلى خفوت موقف الحس العربي القومي تجاه ما يحصل للفلسطينيين، وإن هناك قوى كبرى تحكم العالم عبر أدواتها الخاصة، نقول وبصراحة إننا إزاء محنة طبقية في عالمنا العربي، تنطوي هذه المحنة في كوننا أمة مستهلكة لكل ما يرسم لنا من أدوار، غير أن ذلك لا يمنع في إيجاد الحلول عبر وسائل إعلامية تنظيمية لا عبر وسائل إعلامية تنقل مجازر الدم فقط..