لنأخذ نفسًا عميقا

آراء 2023/11/12
...






 د. أثير ناظم الجاسور


لنأخذ نفسًا عميقًا وبدون تفكيرٍ ننطلقُ صوب تلك النقطة المفعمة بالموت، التي تسمى غزَّة التي لطالما ترسخ في عقولنا أنها جزءٌ من فلسطين الوطن وجزءٌ لا يتجزأ من وطنٍ كبيرٍ يحمل من المشتركات والشراكات، ما يؤهله أنْ يكون أكبر وأعظم الأوطان، لنأخذ نفساً عميقاً ونعود بالتاريخ لأنَّنا لا نملك غير التاريخ لنتفاخر بأحداثه وشخوصه (أجدادنا) كما يصفهم التاريخ، في لحظة تاريخيَّة هجوم غير متوقع بتكتيكات مختلفة، أفقدت الكيان الصهيوني توازنه حبست الأنفاس على وقع الخبر والفعل، الذي تجاوز كل التوقعات، صورة مختلفة في هذه الصورة تكونت خطوط عديدة رسمت تلك اللوحة الراسخة في الذاكرة وتحديداً الذاكرة العربيَّة المليئة بالصور والسيناريوهات والتوقعات، التي تحمل في طيّاتها نتاج التجارب، التي أوصلت المنطقة وهذا الوطن إلى ما نحن فيه اليوم، فبينما كان الإعلام العالمي ينقل الحدث، ويفسر ويحلل ويحاول هذا المحلل العسكري وذاك السياسي، ويناقش حجم العمليَّة والإمكانيات، التي جعلت من هذه القوة الصغيرة أنْ تجازفَ، انشغل التفكير وهو حابسٌ أنفاسه برد الفعل الصهيوني وحجم القتل الذي ستحدثه قيادة هذا الكيان؛ أي أنَّ النظر هنا لم يتجاوز أصابع القدم. لنأخذ نفساً عميقاً ونحصي ما حدث لنستطيع على أقل تقدير توقع ما سيحدث، بالمحصلة هجوم كانت تبعاته دماراً وقتل أطفال ونساء وشيوخ وشباب بالنتيجة ردة فعل الكيان الصهيوني كان عنيفة للغاية ليست بالغريبة، فالقتل سمة من سمات بقاء هذا الكيان، لكنَّها ضربات قاسية للغاية، ما حصل لو تمت مقارنته بواقع الخسائر فالفلسطينيون خسارتهم أكبر بكل الأحوال فهم شعبٌ خُلق ليشقى وليبقى، بالمقابل فقد الكيان بريقه الذي يتباهى به وأظهر لكل شعوب العالم الوجه البشع بعد أنْ سخر آلة القتل الوحشيَّة، ليعلن من خلالها قتله الجماعي المقصود والمتعمد، وتبين لشعوب الأرض حجم العنصريَّة والكراهيَّة، التي يحملها هذا الكيان الخالي من كل قيم الإنسانيَّة، فضلاً عن أنَّ كل الشعوب الشرقيَّة والغربيَّة والشماليَّة والجنوبيَّة، أصبحت ضد سلوكيات هذا الكيان، أيضاً توضح للجميع حجم المتاجرة بالشعارات من قبل الحكومات الغربيَّة المتعلقة بالحريات وحقوق الإنسان والإنسانيَّة الخ... من الشعارات التي تنادي بها عندما تتعرض هي للخطر أو حلفاؤها، بات شعب الكيان الصهيوني فاقداً للثقة بالنسبة للقائمين عليه في ما يخص الأمن وأمانهم، أما الأخيرون فسيعيشون بالخطر دائماً وأبداً ولن ينعموا بالأمان، حتى وإنْ تغطوا بالأسوار الكونكريتيَّة أرضاً وجواً، وستكون أعينهم مرتفعة تراقب السماء دفعاً للخطر أكثر من 

الأرض. 

لنأخذ نفساً عميقاً لنرى أنَّ تاريخ السابع من أكتوبر من هذا العام، أصبح لحظة تاريخيَّة تحتاج للتفكير والتأمل، فما هو قادمٌ يعدُّ ظرفاً دقيقاً جداً وسيرتفع فيه ثمن الموقف وستصاب كل النوايا القاتلة بنكسة، والقرار الغربي الداعم للكيان الصهيوني رديء، وقابعٌ في تفكيرهم فقط (السلطة) لا دور له على الإطلاق سوى إطلاق آلات القتل، إنَّه الزلزال الذي هزَّ صورة الكيان المخلوقة من كذب وخوف وانكسارات أربك مخططات قوى فاعلة وتابعة وحتى المتفرجة، نعم ستتغير حسابات الربح والخسارة حتى تبقى حقيقة أنَّهم لا يستطيعون مقاومة هذا الطوفان وما بعده.