نجاح العلي
الترويج الانتخابي علم يحتاج إلى خطط ودراسة جدوى قبل الشروع في تنفيذه، وخبراء الحملات الانتخابيّة والدعاية السياسيّة يؤكدون أن الحملة الانتخابيّة الناجحة تستوجب الوصول إلى أكبر شريحة من الناخبين في الدائرة الانتخابيّة، وأن إدارة الحملة الانتخابية تحتاج فريق عمل متخصصاً إلى جانب فريق من المتطوعين، فضلا عن مقرات انتخابية، وإعداد دراسة للخريطة الانتخابية للدائرة، والفئات المستهدفة مع ضرورة تقسيم الجمهور وتنويع الرسائل الاعلامية حسب مزاج الجمهور والوسائل التي يستخدمها في التعاطي مع الشأن السياسي فجمهور المتقاعدين يميل لمتابعة القنوات الفضائية للحصول على المعلومة، وجمهور الشباب يتابع مواقع التواصل الاجتماعي للحصول على المعلومات السياسية والخبرية والتفاعل مع الأحداث العامة ومنها الانتخابات سواء كانت برلمانية أو مجالس محافظات.
النجاح في الانتخابات يستدعي التعرف على مفاتيح الناخبين، والقدرة على التأثير فيهم للحصول على أصواتهم، وتختلف هذه المفاتيح باختلاف احتياجات الناخبين وتطلعاتهم وثقافتهم ورؤيتهم المستقبلية وميولهم وتوجهاتهم الفكرية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وحتى الدينية والفلسفية.
الاعتماد المفرط على الاعلانات الطرقية والمطبوعات والكارتات والهدايا التعبوية كالاقلام والقبعات والملابس والأكياس وحتى المواد الغذائية قد لا يكون مؤثرا في الوقت الحاضر في تنامي الوعي الانتخابي والثقافي مع تجارب انتخابية سابقة، فضلا عن التأثيرات الكبيرة لوسائل التواصل الاجتماعي في استقطاب الكثير من شرائح المجتمع وبخاصة الشباب المتحمس للدخول بقوة في المعترك الانتخابي سواء كمرشح أو ناخب، فضلا عن التأثير السلبي في البذخ في الحملات الانتخابية التي قد تثير العديد من التساؤلات عن مصادر التمويل ودور الفساد المالي والاداري والاستحواذ على المال العام واستخدامه لمنافع شخصية.
لكن رغم كل الخطط والجهود المبذولة قد لا تؤدي الحملة الانتخابية الناجحة إلى فوز المرشح بمقعد في مجلس المحافظة أو مجلس النواب، وقد يكون الخلل في الناخبين أنفسهم الذين يملكون قناعاتهم وتوجهاتهم وأيديولوجياتهم الخاصة بهم، وخاصة الجمهور المؤدلج الثابت للأحزاب والكتل التقليدية الذين ينتخبون مرشحي أحزابهم من دون دعاية انتخابية حتى لو كان أداؤهم السياسي ضعيفا أو سيئا والتي لا يغيرونها؛ مع الأخذ بنظر الاعتبار وجود شريحة كبيرة من الجمهور العراقي المترددين في المشاركة في الانتخابات وشريحة أخرى من المقاطعين؛ رغم أن كل المعطيات تثبت أن الرغبة في التغيير تستوجب المشاركة الواسعة في الانتخابات واختيار المرشحين الكفوئين والنزيهين، والعراق بلد يزخر بالطاقات والكفاءات البشرية التي لها القدرة على تنفيذ ما يصبو اليه المواطن في تحسين الواقع المعيشي والخدمي وصولا إلى دولة المواطنة والرفاه الاجتماعي التي ننشدها جميعا.