كيف تكون كاتبا مميزا ؟

ثقافة 2019/05/13
...

عبد الجبار العتابي 
 
    
كثر في الاونة الاخيرة الحديث عن فن السيناريو ، الذي تقوم عليه الافلام السينمائية والمسلسلات الدرامية ، والتأكيد على ضرورة ظهور كتاب سيناريو شباب من شأنهم النهوض بواقع هذا الفن الى المستوى المميز ، ولكن الذي يكشفه الواقع هو ان هذا الفن صعب للغاية باعتراف المهتمين به واصحاب الاختصاص الذين يحددون شروطا عديدة وصعبة لكي يتم اتقان كتابة السيناريو ، وقد وجدنا ان هذه الشروط تحتاج الى زمن طويل والى اهتمام اكثر بالقراءة والمشاهدة والتركيز على الكثير من الاشياء من شأنها ان ترتقي بالكاتب الى مصاف كتاب السيناريوهات المميزين ، لذلك كان سؤالنا :ما يجب أن يتعلمه المرء كي يكون كاتبا مميزا للسيناريو؟ وحصلنا على اجابات اربع من محترفي هذا الفن .
 
اقرأ مئة رواية
   فقد اكد الكاتب والسيناريست الكبير صباح عطوان على ما يجب ان يتعلمه كاتب السيناريو ، وقال : ما يجب أن يتعلمه المرء كي يكون كاتبا مميزا للسيناريو  هو قراءة الفترة الرومانسية لأدب القرن التاسع عشر ومئة مسرحية عالمية اولا.
 واضاف : السيناريو من دون موهبة..كالسمكة تعرف العوم..لكنها بلا دماغ، السيناريو هو الخيال الخلاق اولا. من ثم التوصيل في الأطر التقنية. باختصار شديد ، السيناريو ليس كالرواية.. فالرواية تمدد اميبي.. بوسعك انتاج الكثير من خلاياه لتقول اربع كلمات فقط بينما في الفيلم تكفيك نصف دقيقة صورية لتقول ما قالته الرواية. وتابع: من خمسين سنة وانا ما زلت انا ذلك الصباح لانني تشربت الادب الكلاسيكي والفترة الرومانسية منه والادب بمدارسه المختلفة والعلوم النفسية والفلسفة والماركسية، لقد قرأت اكثر من خمسة آلاف كتاب في حياتي لأكون فلانا، فكيف تريد أن تصنع مفكرا في زمن الفيسبوك والنت والاكلات الشارعية وادي المقاهي وتظاهرات ومهرجانات السخافة والخواء الوجداني .
 وتابع : لقد خرجت من البصرة بكامل ثقافتي وادواتي لم يعلمني احد حرفا، اقتحمت المسرح القومي بقصر الشيخ في  شباط 1979 ومن ثم الإذاعة والتلفزيون وما زلت بالبصرة لم اسع لأحد بنص ابدا ،لم أطرق  بابا ،هم يطلبون ذلك ،فالناس تبحث عن غدير في صحراء الدراما وهل كنا زمان جنة وارفة؟ كنا صحراء ،وحين غبنا عاد التصحر وما عادت الشوارع تخلو لذئاب الليل او جرف الملح او فتاة في العشرين او غيرها المئات.وختم بالقول : الناس تريد بلسما لجراحها لا ملحا في الجراح، (عفناها لهم16 سنة شو اللي عملوه؟؟) !.  
 
دراسة السينما
    فيما اكد الكاتب والسيناريست حامد المالكي ، وقال : على من يريد ان يكون كاتب سيناريو مميز أن يمتلك موهبة القص ومتابعة ودراسة الافلام العظيمة في تاريخ السينما، قراءة أمهات الروايات والمسرحيات، ودراسة قواعد الانتاج السينمائي وحرفته، وفهم تكنيك وقواعد السيناريو وكيفية تتابع المشاهد فيه، وهذا يحتاج الى جهد سنين.
وحين سألته : اين تكم الصعوبة اذن؟ اجاب : بالمطاولة، الصبر في التعلم،المطاولة في الكتابة التي تصل الى 1500 صفحة يحب ان تتذكر ما كتبت بالتفصيل.. تخيل!!.
وأوضح : في كل محاضراتي “المجانية” حول كتابة السيناريو، أهم نصيحة أوجهها للكاتب الشاب هي الاعتناء بالحوار، وأن كل شخصية في الدراما تتحدث بمستواها الفكري والاجتماعي، وإياك أن تقع في فخ المبتدئين، كل الشخصيات تتحدث بلسانك أنت الكاتب، هذه من بديهيات الكتابة الدرامية والقصصية والروائية وأهم درس يتعلمه من يريد خوض غمار الكتابة .
 
الخيال
من جانبه اشار الكاتب والسيناريست علي صبري الى اهمية الخيال ، فقال : لا توجد وصفة جاهزة ، يمكن أن نصفها لمن يريد تجربة كتابة السيناريو ، ولكل كاتب سيناريو محترف ، اسلوبه الذي يميزه ويختلف عن أسلوب كاتب اخر من حيث اختيار موضوعه والمعالجة والبناء ، ولكن هناك عناصر مشتركه تجمعهم ، وتعتبر من مقومات الكاتب المتميز ، أولها،  الخيال. واضاف : ما يميز الكاتب عن الإنسان العادي هو الخيال ، وهذا الخيال لا يأتي من فراغ ، وإنما يجب تحفيزه وتثويره من خلال القراءة ، وبما أن الدراما تجمع كل الاختصاصات ، فعلى الكاتب أن يكون مثقفا وملما ، بجميع الاختصاصات ، سواء كانت أدبية أو علمية أو حياتية ، فلسفية أو نفسية ، الثقافة العامة من أهم أدوات المؤلف ، وهي التي تنمي خياله ، بالإضافة إلى ذلك ، على من يريد أن يصبح كاتبا لسيناريو،  عليه أن يقرأ ما يكتب من سيناريوهات ، لتكوين فكرة عامة عن كتابة السيناريو ، يضاف إلى ذلك ، متابعة ما يعرض من الأعمال الدرامية ، واعتبارها دروس عملية للكتابة ،  وتابع : يبقى أمر مهم ، دائما نركز عليه ، لمن يريد أن يجرب حظه في الكتابة ، عليه أن يبدأ بكتابة المسرح ، لأن المسرح يعلم الكاتب على إدارة الحوار ، وكيفية صياغته ..
 
حكايا الناس
    الى ذلك اكد الكاتب والسيناريست نبيل وادي على جملة شروط ، فقال : لكي تكون كاتب سيناريو ناجح عليك ان تكون عاشقا لقراءة القصص والروايات وان تكون مستمعا جيدا لحكايات الناس ، في كل مكان في السيارة وفي مجالس العزاء وفي اماكن الانتظار عند الاطباء وفي الاسواق ، تسمع كيف يتحدث سائقي السيارات ،تسمع القصص من الاطفال والعجائز وتفكر دائما بطريقة واحدة هي كيف تحول هذه القصص الى صوت وصورة وكيف تربط القصص المتباعدة عنها وتجعلها قريبة من بعضها فقصة الحب التي عاشها الحلاق وهو يقصها عليك ان تربطها بقصة شراء جهاز فحص تخطيط القلب الذي اشتراه الدكتور لعيادته وان تفكر بربط قصة الاول بالثاني فتجعل الحلاق يذهب الى الدكتور الذي تمكن بماله من الزواج من حبيبته هكذا تربط القصص مع بعضها مهما تباعدت عن بعض ان تجعل خطبة لترامب لها علاقة بانقطاع الماء في حنفية بيت البقال وهكذا .
 واضاف: والمهم ايضا قراءة كتب السيرة والتاريخ وعلم النفس وعلم نفس الشخصية ، على كاتب السيناريو ان يجلس في مقاهي الشباب وان يسمع كلامهم وبماذا يفكرون من دون ان يفكر ان هذا ضياع للوقت ، على كاتب السيناريو ان يحاول الدخول الى البرلمان والى الكليات العلمية والادبية ليتعرف على انواع مختلفة من البشر ومع تطور وسائل التواصل الاجتماعي،  على كاتب السيناريو ان يراقب مايقال وما يكتب على الفيس بوك والتويتر وبقية منصات التواصل الاجتماعي من دون ان يفكر في ان ذلك مضيعة للوقت وان يشاهد الافلام والمسلسلات لتساعده في استيحاء افكار مختلفة.