“خاتون بغداد” مجدداً في عمان

ثقافة 2019/05/13
...

حازم مبيضين
 
 
احتفى منتدى عبد الحميد شومان الثقافي، بإشهار رواية “خاتون بغداد” للروائي العراقي شاكر نوري، وسط حضور جمع من المهتمين بالشأن الثقافي، وقال امين عام وزارة الثقافة هزاع البراري في معرض تقديمه للحفل، “نجتمع هذا المساء للإطلالة على عمل روائي مميز، كان له حضوره الكبير على الساحة العربية مؤخراً، وهو الآن تحت الترجمة للغتين الانجليزية والفرنسية، والروائي شاكر نوري صاحب مسيرة ثقافية ثرية جداً ومتميزة، وهو ما يظهر جلياً في روايته “خاتون بغداد” التي استندت على شخصية حقيقية واقعية تاريخية، خلال فترة شهدت الكثير من المتغيرات والرحالة والمستشرقين
 والباحثين”.
وبين براري أن بطلة الرواية “ميس بل” هي باحثة ورحالة ومصورة فوتوغرافية، كما أنها كاتبة ومترجمة ومستشارة لقائد الاحتلال البريطاني للعراق أثناء الحرب العالمية الأولى، وتساءل “كيف استطاع الروائي أن يزاوج بين الوثيقة وبين السيرة الحقيقية وأن يبتعد عن أن تكون هذه الرواية تاريخية؛ بمعنى التأريخ للأحداث ويدخل فيها الخيال والصنعة الروائية وخيالات الكاتب، وأعتبر أن الرواية في أساسها هي لعبة خيال، فإذا خضع الروائي إلى الوثيقة، وإلى السيرة بحرفيتها، فهو أصبح ناقل وموثق، وهي ليست مهمة الروائي، إنما مهمة المؤرخ أو الباحث. 
أما بشأن الظروف التي كتبت فيها “خاتون بغداد” قال الروائي شاكر نوري “علقت مس غيرترود بيل في ذهني منذ أيام الدراسة الجامعية وعثوري على كتابها الهام (الأخيضر) في المكتبة الوطنية العراقية التي كان مصيرها الاحتراق في العام 2003 ثم تعرفت على 16 كتابا ألفته هذه 
السيدة، وزاد من ثم أطلعت على أن المكتبة التي كنا نتردد عليها آنذاك كانت من بنات أفكار مس بيل، وأطلقت عليها مكتبة السلام، ثم زرت المتحف العراقي وقيل بأنها هي التي أنشأته لكنني لم أكن في الوعي الذي كنت فيه قادرًا على كتابة رواية “خاتون بغداد” أيام كان عمري 18 عاما.. لذا انتظرت أكثر من خمسين عاما لكي أكتب عن تلك المرأة التي
 أحببها.
وتساءل نوري “كيف يمكن استخراج هذه الرواية؟”، لافتاً إلى أن مهمة الروائي أن يعطي الأحداث البالية بريق العصر، ويُنعش روح الخيال، وكذلك أن يعيد كتابة التاريخ ويرد على الأكاذيب ويفندها
 أيضًا.
وبين نوري أن موضوع الرواية تتأتى أهميته في معرفة تاريخ العراق، وأن الفكرة الأساسية من “خاتون بغداد” ليست كتابة التاريخ، إنما كتابة قصة من قصص هذا التاريخ، موضحاً أنها رواية تعرفنا على مئة عام من تاريخ المجتمع العراقي، واعتبر أن الروائي ليس بمؤرخ، بل على العكس من ذلك فهو يشكك بالمؤرخين، مشيراً إلى أن فكرة الرواية كلها جاءت من فكرة الاستهزاء والمرح، من “دون كيشوت” لسرفانتس و”غرغانتوا” وبانتغرونيل” لفرانيسس رابلييه، وبحسبه، فإن اهتمامه بجانب السيرة الذاتية والسيرة الوثائقية في شخصية “الخاتون” مرده إلى أنه في مثل هذه الأعمال، لا يمكن كتابة رواية خيالية مئة بالمئة؛ لأن الواقع يفرض نفسه علينا، وعلى الروائي أن يختار من السيرة ما يشاء، وأكد نوري أن “خاتون بغداد” ليست وثائقية، ولا تؤرخ بقدر ما ترصد الصِراع المليء بالعواطف والأحاسيس لأُسطورةٍ حية وامرأةٍ إشكالية مثل مس بيل، وحول ما إذا كان نوري خرج عن سكة السرد التاريخي، قال “بطبيعة الحال، لجأت إلى استحضار حبكة تدور حول الاستعمارين البريطاني والأميركي للعراق عبر شخصية بيل، وكذلك استحضار حياتها الحميمة، التي لا يمكن أن تنفصل عن آمالها وطموحاتها بصناعة بلد حضاري أو بالأحرى إعادة أمجاد هذا البلد، فهي كانت مهووسة بهذه الفكرة، وعملت المستحيل لكي تحقق
 ذلك.
واستشهد نوري برد “مس بيل” على الذين وصفوها بالجاسوسة، قائلا على لسانها “إنني أعمل لحسابي وليس لحساب أحد، قليلون يعرفون ذلك. إنني قصبة مكسورة لا أصلح لشيء حتى لنفخ الريح، فكيف أعزف الألحان.
وأوضح أنه حرص خلال كتابته للرواية، على إقامة التوازن بين حكاية الرواية الخيالية وبين المعلومات الأرشيفية التي هي ضرورية أيضًا في رواية «التخييل
 التاريخي».
والمؤلف، حاصل على دكتوراه في السينما والمسرح من جامعة السوربون. عمل مُراسلاً ثقافياً لعددٍ من الصحف والمجلات العراقية والعربية، يعمل حاليًا في الصحافة والإعلام والتدريس الجامعي في دبي. ونال جوائز عديدة، منها: “ابن بطوطة لأدب الرحلات”، “يوميات باريس”، “كتارا للرواية العربية” “الصحافة العربية في 
دبي.
نشر نوري (9) روايات ودراسات ومؤلفات في الشعر العربي والأجنبي، وحاور عدداً كبيراً من الشعراء العرب
 والعالميين.