رفض العدوان ومتغيرات السياسة

قضايا عربية ودولية 2023/11/16
...

علي حسن الفواز




لم يعد العدوان الصهيوني على غزة بعيداً عن السياسة، ولا عن ضغوط الرأي العام العالمي، إذ كشفت تداعيات هذا العدوان عن مأزق أخلاقي وإنساني لسياسات الولايات المتحدة والغرب، فمع رفض القرار الدولي لإيقاف إطلاق النار، وضعف التعاطي مع جرائم الحرب في غزة، بات العالم أمام اشكاليات قانونية ومفهومية تخصّ المواقف والإجراءات التي ينبغي اتباعها في الحروب، وعلى وفق الصيغ التي أنشئت من أجلها الأمم المتحدة.

الرسالة التي وجهها 400 مسؤول سياسي يعملون في مؤسسات مهمة داخل الإدارة الأميركية، ومن 40 فيدرالية أميركية إلى الرئيس الأميركي جو بايدن تحمل في مضمونها رفضاً لاستمرار ارتكاب الجرائم في غزة، وتؤكد طبيعة المتغيرات التي باتت تحدث داخل المؤسسات الأميركية، لأن دعم إسرائيل بهذه الفجاجة وقصف المستشفيات والقتل المجاني للمدنيين وللعاملين في القطاعات الصحية والتعليمية والصحفية يؤكد المشاركة السافرة للولايات المتحدة في هذا العدوان. 

متغيرات الواقع في هذه السياسة كشفت هي الأخرى عن توجهات رافضة داخل وزارة الخارجية ومؤسساتها لاستمرار العدوان، فقد وجّه أكثر من 1000 موظف لدى الوكالة الأميركية للتنمية الدولية رسالة إلى وزير الخارجية لينكن يرفضون فيها سياسة دعم العدوان، والاستخفاف بالقانون الدولي وضرورة العمل على اتخاذ إجراءات لحماية المدنيين من العنف وتزويدهم بالغذاء والدواء، فضلاً عن حدوث تغيّرات أخرى في المواقف السياسية لعديد الدول الأوروبية ومنها فرنسا وألمانيا وايرلندا وغيرها، والتي تدعو للعمل على الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، ومنع ارتكاب المزيد من جرائم الحرب.

عدم الرضا عن السياسة الأميركية لم يعد مخفياً، فتجاهل قرار الأمم المتحدة بوقف العدوان سبب إحراجاً لأمينها العام، ودعا كثيرا من الدول إلى الحديث عن ازدواجية هذه السياسة، واتهامها بالانحياز غير المسؤول للكيان الصهيوني، لكن طبيعة تلك الرسائل تكشف عن السخط الذي باتت تواجهه الولايات المتحدة داخل مؤسساتها، وهو ما سيشكل ضغوطاً على إدارة الرئيس بايدن، لاسيما أنَّ الانتخابات الاميركية المقبلة ستكون أمام رهانات صعبة، وتحديات قد تقلل من فرص الديمقراطيين في الفوز بالرئاسة مرة ثانية، لأن المواقف الداعمة للعدوان الصهيوني، ولما يجري في أوكرانيا، ولسوء إدارة ملفات كوريا وإيران والصين ستكون مجالات للتأثير في المعطيات السياسية والأمنية التي تحكم الستراتيجيات الدولية للولايات المتحدة في العالم.