د. حميد طارش
يبدو السؤال الأهم المطروح بصدد الانتخابات يكمن في مدى مغادرة الكيانات السياسية لأصوات الجمهور الانتخابي العام، خاصة بعد عزوفه عن المشاركة، إذ تدنت مشاركته إلى (20 %)
مما جعلها لا تناسب أموال الدعاية الانتخابية المصروفة بلا قيود، فضلاً عن كونها ليست مؤثرة بشكل فعّال في حسم الفوز، ويفرز مشهد الدعاية الانتخابية ذلك التساؤل، المشهد الذي خلا من أية برامج انتخابية ووسائل جديدة قد تحفز الناخب العام على المشاركة الانتخابية، وربما ارادت الكيانات السياسية الاعتماد على جمهورها الخاص والتخلص من أية التزامات دستورية وأخلاقية تترتب على ايجاب المرشح وقبول الناخب بذهابه لصندوق الاقتراع. المسألة في غاية التعقيد لطرفي العلاقة الناخبين والكيانات السياسية، كما أن سلوك الأخيرة بحسب ما ورد آنفاً لن يكون حلًا، واذا حقق مبتغى الأحزاب لمرحلة معينة فلن يستمر، إذ سينتبه الجمهور الانتخابي العام الذي لم يشارك في الانتخابات ويعتقد بأنه يعاقب تلك الكيانات أو يدفعها لتصحيح مسارها بما يحقق طموحاته فإذا بها تلجأ إلى وسيلة الاستغناء عنه!، وهذا لن يستمر طويلًا وليس حلًا موضوعيًّا للمشكلة، أي سيشعر الجمهور الانتخابي بفشل وسيلته والبحث عن وسيلة أخرى تخرجه من مأزقه.
اذاً توجد مصلحة لطرفي المشكلة في الحل وتجنب التعامل السلبي مع المشكلة، والآن الكرة في ملعب الأحزاب السياسية وعليها أن تلعبها بمهارة باتجاه ما يقرّبها من الجمهور الانتخابي في خلق فرص عمل وتأمين خدمات، ولعل الكثير من العمل الذي ينتظرها لا يحتاج إلى تخطيط وأموال كثيرة وامكانيات كبيرة، وعلى سبيل المثال وليس الحصر، تبسيط الإجراءات في المؤسسات الحكومية وحصول المواطن على خدماتها من دون تعقيد يستهدفه لدفع الرشوة، أو ذهابه للمستشفى ليحصل على علاجه من دون تقصير في التعامل الانساني معه أو دفعه لشراء علاجه من خارج المستشفى. ومسائل أخرى قد تكون أسهل من ذلك لكن من شأنها أن تعيد صياغة العلاقة بين الكيانات السياسية والناخبين مما يزيد في زخم المشاركة في الانتخابات وإعادة الثقة بجدواها.