حسين علي الحمداني
بعد عقدين من الزمن على ولادة الديمقراطية في العراق ما زالت آليات انتاج السلطة تراوح مكانها بعيداً عن السياقات المعروفة لدى دول العالم، وهذا له أسبابه أهمها بالتأكيد أن عملية بناء الدولة وفق أسس وطنية صحيحة غابت في ظل سعي الجميع لتقاسم السلطة على حساب عملية بناء الدولة ومؤسساتها، مما جعل مخرجات أية انتخابات برلمانية كانت أم مجالس محافظات لا تأثير لها في عملية تشكيل السلطة التنفيذية التي تعد الكثير من القوى السياسية أن حصصها في السلطة التنفيذية مضمونة مهما كانت نتائج الانتخابات، وهذا ما جعل رأس السلطة التنفيذية ممثلا بمنصب رئيس مجلس الوزراء عادةً ما يأتي عبر التوافقات، وهذا ما يحصل مع منصب المحافظ أيضا.
من هنا نجد أن علينا أن نسعى لبناء دولة المؤسسات والقوانين والذي من شأنه أن ينتج لنا سلطة تنفيذية نابعة من الواقع العراقي ومخرجات الديمقراطية، وبالتأكيد أن الديمقراطية من دون وجود دولة مؤسسات لا قيمة لها، بل إن من أبرز مقومات نجاح الديمقراطية وجود دولة بمؤسساتها وقوانينها الراسخة التي تجعل من صندوق الاقتراع وسيلة لتعبير الناخب عن رأيه من جهة، ومقياس لقوة الأحزاب السياسية وتأثيرها في الشارع العراقي من جهة أخرى.
لهذا عندما نقول إننا بعد عقدين من الزمن ما زلنا لم نكمل الخطوة الأولى في ترسيخ الديمقراطية، وهذا ناجم عبر عدم الثبات على قانون انتخابي، بل نجد في كل دورة انتخابية تعديلات على القانون ليتناسب مع القوى السياسية الكبيرة التي عادةً ما تجعل من التعديلات على قانون الانتخابات ما يجعلها تضمن على الأقل الحد الأدنى من حصتها، وهذا ما سيتأكد في انتخابات مجالس المحافظات الشهر المقبل.
ومن ثمَّ فإنّ من دعائم نجاح الديمقراطية يتمثل بالتمثيل الحقيقي للناخبين بما يؤمن ترسيخ قناعات قوية لدى الناخب العراقي على أن صوته أخذ مداه وحقق الغاية من المشاركة في الانتخابات.
خلاصة ما يمكن قوله إنَّ الناخب العراقي أدى واجبه في المشاركة في الانتخابات منذ دورتها الأولى وكان أكثر حرصا من الأحزاب والقوى السياسية على نجاح الديمقراطية وترسيخها من أجل تحقيق الأمن والاستقرار ودعم عملية بناء البلد وإعماره.
بقيَ أن تؤدي القوى السياسية واجباتها وتبدي حرصها على كسب الشارع العراقي وردم الكثير من الفجوات بينها وبينه، وهذا يحتاج لفكر سياسي جديد وربما جيل جديد من السياسيين يحاول تغيير آليات انتاج السلطة بما يخدم الشعب العراقي.