علي حسن الفواز
توثيق يوميات العدوان على غزة يفتح الباب للمنظمات الدولية لكي تكشف عن أبعاد هذا العدوان، وعن مدى ما ارتكبه جيش الاحتلال من جرائم حرب راح ضحيتها الآلاف، فضلاً عما تعرّضت له المؤسسات الصحية والمدنية من أضرار جعلتها خارج الخدمة، وهذه بطبيعتها انتهاكات فاضحة، وجدت فيها منظمة العفو الدولية حالات تدخل في توصيف «جريمة الحرب» فضلاً عن قصفها للمستشفيات، ودور العبادة، لاسيما الكنيسة التي لجأ إليها النازحون المدنيون في مخيم النصيرات، وهو مايعني الدعوة لاجراء التحقيق الدولي بشأنها، وهو ما أشارت إليه اريكا روساس مديرة البحوث العالمية بقولها: « إن هذه الهجمات المميتة، وغير القانونية، هي جزء من نمط موثق من الاستهتار بحياة المدنيين الفلسطينيين، وتُظهر التأثير المدمر للهجوم العسكري «الإسرائيلي» غير المسبوق الذي لم يترك أي مكان آمن في غزة، بغض النظر عن الأماكن التي يعيش فيها المدنيون أو يبحثون فيها عن مأوى».
هذا التوصيف يدعو الجهات ذات العلاقة للعمل على تدخل «المحكمة الجنائية الدولية» لاتخاذ الاجراءات القانونية بصدد هذه الجرائم، وعلى وفق ما يجعلها ضمن تأطيرات القانون الدولي، ورغم أن الدعوة ستصطدم بالسياسة الاميركية والغربية، إلّا ان إثارتها في المحافل الدولية سيجعلها عنصر ضغط، وممارسة قانونية تدخل في سياق فضح ما يجري في غزة من عدوان بشع، والعمل على وقف فوري لاطلاق النار وتقديم المساعدات الضرورية لأهالي المدينة المحاصرة بالقصف اليومي.
إن توثيق الشهادات، وكشف أبعاد الجريمة أخلاقياً وإنسانياً وقانونياً، يؤكد أهمية تحويلها الى موضوع رأي عام، والى فاعليات خطابية تدخل في مواجهة «السرديات الصهيونية» التي تسوّغ العدوان بممارسات تتناقض والقانون الدولي، وحق الشعب الفلسطيني في المقاومة وفي دفع مكاره الاحتلال عن أرضه، بما فيها مناطق «الاستيطان» في غلاف غزة، والتي يتوهم الاحتلال بأنها جزءٌ من «نظرية الأمر الواقع» التي تفرض شروطها الاستيطانية خارج الاتفاقات والمواثيق الدولية.
ما ثبتته منظمة العفو الدولية التي زارت «مواقع القصف» من وثائق تمَّ تحليلها كأدلة عبر صور الأقمار الصناعية يؤكد الطابع الاجرامي للعدوان على الأهداف المدنية مع «سبق الاصرار والترصد» وبما يجعل ادخالها ضمن عمل تفويض المحكمة الجنائية وارداً بعيداً عن أيّ تأطير سياسي لهذه الجرائم، وعن الضغوط الاميركية التي تمارس دعمها الفاضح للعدوان الصهيوني.