شيوعيون في هوليوود

ثقافة 2023/11/27
...

علي حمود الحسن

مرة كتبت على هامش مشاهدتي لفيلم "ترومبو"، الذي يتناول السيرة الحزينة لمؤلف "سبارتكوس" أحد ضحايا المكارثية (نسبة إلى السيناتور الموتور جوزيف ماكارثي ): إن المكارثية هي الحقبة الأسوأ  والأكثر استهتارا وامتهانا لحرية الرأي والمعتقد، من خلال حملة استجواب امتدت للفترة من 1950 وحتى أواخر 1953، راح ضحيتها المئات من المثقفين والفنانين". هذه الحملة التي نرى صدى رجعها غير البعيد في ما يحصل اليوم، هي محور متن كتاب "شيوعيون في هوليوود" (ملاحقة اليسار الأميركي في السينما) الصادر العام الماضي عن دار ألكا ترجمته وأعدته الكاتبة فرح شرف.
الكتاب بصفحاته الـ(153) وحجمه المتوسط، تضمن مقدمة وثلاثة فصول، كل فصل مقسم إلى فقرات معنونة، ما جعل إيقاعه أخف وقراءته أسهل. استهلت فرح كتابها بمقدمة مكثفة عن أصل حكاية لجنة نشاطات غير الأمريكية وقائمة الاتهام الشهيرة بالشيوعية لعشرة من خير كتاب هوليوود اليساريين والمتعاطفين معهم، ضمن قائمة ضمت 151ممثلا وكاتبا، وقد تبدو مفارقة أنه بعد 50 عاما على الواقعة كرمتهم اكاديمية الفنون والعلوم السينمائية في العام 1997، وإن كان تكريما متأخرا.
انطوى الفصل الاول على ( 6) مواضيع مكثفة وشيقة، منها:  " أساس الحرب هو الدفاع عن الحقوق" اقتفت فيه المؤلفة  اثر نقابة السيناريست التي أسسها العشرة المارقون من وجهة نظر هوليوود، وعمل فيها الكثير من الكتاب والفنانين الأميركيين واليساريين، والتي  تزايد عددها بشكل مطرد وكذلك نشاطها، وقتها اصدر الرئيس الأمريكي روزفلت قرارات تخص السينما انتهت إلى اعتبار الكتاب السينمائيين موظفين، ثمة عنوان آخر طريف  عن "ثورة عصبة كتاب أميركا"، التي دعا من خلالها الكتاب اليساريون، لاسيما جماعة العشرة التي تشكلت من الكاتب والمنتج هيربرت بيرمان، والممثل ليستر كول، الفا بيسي، والروائي والسيناريست صموئيل أورنيتز.. وغيرهم الى تأسيس منظمة دائمة للكتاب الأميركيين، من أجل بناء عالم بلا رأسمالية متوحشة..
بينما رسم الفصل الثاني ميني بروفايل لأكثر من (12) كاتبا وفنًّا يساريَّا أمريكيَّا في عصر ستالين، منهم: السيناريست ليستر كول الذي ضمن أفلامه "حقائق اجتماعية "، وله كتاب سيرة بعنوان "هوليوود الحمراء"، يتحدث فيها عن المخفي والمستور في هذه المرحلة، فقرة أخرى تتحدث عن هيربرت ببيرمان صاحب فيلم "ملح الأرض" الشهير، الذي أدين وسجن بتهمة ازدراء الكونغرس، عندما رفض الإجابة عن سؤال يخص انتماءه إلى الحزب الشيوعي.
واندرج أكثر من (11) موضوعًا في الفصل الثالث تحت عنوان "تاريخ سياسي وثقافي"؛ انطوت على فقرات مهمة على شاكلة: "هوليوود السوداء"، "تأويل الرموز، ما بين المسيحية والشيوعية"، و"محاكم التفتيش في عدن"، و"ما بعد المحكمة"، " حامل الزهرة، ليكون مسك ختام هذا الفصل الطريف "مناهضة الحرب والسينما"، التي ملخصها أن هذه القائمة، وصمة عار في وجه أميركا القبيح.