بغداد: مآب عامر
احتفى نادي الشعر في الإتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق بالشاعر صلاح الكبيسي، للحديث عن تجربته الإبداعية وسط حضور من المثقفين ومحبي الشعر. وفي الجلسة التي أدارها الشاعر خالد الحسن تناول الكبيسي العلاقة الجدلية بين الجائزة والقصيدة، وأكد أن «الشعر لا تحدده مسابقة الشاعر، حتى لو خسر كل المسابقات والاشعار، لا شاعر حتى لو منحت له كل جوائز الدنيا، فقد لا تكون المسابقة عادلة، وقد تمتلك اللجان المحكمة وجهة نظر تختلف عن الشاعر».. وأوضح بأنّ أجمل ما تقدمه المسابقات الأدبية هو الجو العام، فهناك يمكن مقابلة الشعراء على أرض الواقع. كما وتحدث المحتفى به عن الجوائز بوصفها «أمر لا يُقيم حقيقة الشاعر» ويقارن فوزه بجائزة في مهرجان «هرسة» الدولي في مصر بخضوع قصيدته إلى أطروحة ماجستير في الجزائر، وأيضا درست في مادة البلاغة في الجامعة الهاشمية بالأردن، واصفا هذا الأمر «بالرصيد الثابت» معقباً في أن الجائزة ليست رصيدا ثابتا.وتناول الكبيسي موضوعة الإنسانيّة، وكيف أنها تعالج الذي يتمكن من التعبير عن الآمه. وبحكم عمله كأستاذ جامعي وطبيب بيطري لأكثر من 26 عاماً، فقد صادفته حالات «يقشعر لها البدن» كما يصفها، ومنها «ناقة تنوح عندما أخذوا ابنها منها، وزحفت إلى نهاية الطريق علها تلحق به»، و «كلب يبكي» وغيرها من الأمور المؤثرة في الحيوانات.
وعن تجربته في التدريس يقول بأنّه دوما ما يخبر تلامذته بأن البراعة ليست بالعلاج.. البراعة في أن تكون إنساناً، وخاصة عند التعامل مع الحيوان، ويرى الكبيسي أن الطبيب البيطري أكثر من يحتاج إلى الاقتداء بشخصية «شرلوك هولمز» كونه يعتمد على العلامات، مثل «وجوب عدم الاقتراب من البقرة من الخلف كونها تمتلك قدرة للنظر أكثر من 290 درجة، وكذلك الحصان كونه يرفس من الخلف». وعن صفات شعر الكبيسي الذي ولد في العام 1973، يقول إن “الحزن هي الصفة البارزة”، كما وتناول عبر حديثه عن مراحل سابقة من حياته، وكيف أدت صعوبتها إلى توليد الحزن بداخل الشاعر، مؤكدا أن “ ما مرت به البلاد يستحيل ألا تنعكس على الشاعر إلا إذا عزل شعره عن إدراكه، وهذا لا يكتب من القلب، لأن الشعر يكتب من القلب”.
الجلسة أثارت أيضا الحديث عن وسائل التواصل الاجتماعي وما أضافت للشعراء من فرصة إعلامية لا تعوض، كما يوضح الكبيسي قائلاً: “في كل بلد إندثر آلاف الشعراء، ولم نكن نسمع إلا بالقليل من البارزين، وهم أما يكونوا موالين للسلطة أو معارضين لها، ولكن وسائل التواصل اليوم ساعدت الشاعر على ألا يحتاج إلى أن يكون موالياً للسلطة أو معارضا، أما الجانب السلبي فقد أشار الكبيسي إلى أن الذين يكتبون كما يصفونه بالشعر بينما هم لا يمتلكون أي مقومات للشعر فسيفرحون لبعض الوقت، ولكن بعد ذلك ستظهر الحقيقة بأنهم لا يعرفون الشعر وعوالمه، وبالطبع فأن هذا الأمر هو بسبب المصفقين.
ويسرد الكبيسي كيف أن هناك الكثير من روائع الأدب العربي، ولكن ما قيمته إذا كان بنفس الأسلوب، معتبرا أنه تقليدي وليس هناك أي تجديد، كما وتناول الحديث عن القصيدة والوزن والقافية. وقد شهدت الجلسة قراءات لقصائده وشهادات في مسيرته الأدبية، وشارك الناقد والكاتب أمين الموسوي بحديثه عن الكبيسي، وهو يقول: ما سمعته من شعره شدّني بشكل سريع، فموضوعاته تعنى بالوطن، وهو ما يحمله الكبيسي من هم كبير في قلبه وما فيه من تداعيات الحزن والأسى، لكنه غالبا ما ينهيه بتفاؤل، على الرغم من أن موضوع الحزن هو السائد. كما وتناول الموسوي الإبداع الذي غالبا ما يكون منبعه الحزن، لأن الفرح لحظات تستهلك ولا تترك آثارها في أعماق النفس، ويشير إلى أن كل الآثار العلمية المشهورة في السرد أو الشعر تنتهي حزينة، فالحزن هو مبعث الأبداع.
وتساءل الموسوي عن المسببات الذي تدفع الكبيسي للتمسك بشعر الشطرين، ويعتقد عبر إجابته أن الذي يريد أن يطلع على جواب مفصل لهذا السؤال سيجده في كتاب “بيان الحداثة” لأدونيس، كما ويرى الموسوي أن شعر الكبيسي يستجيب لعصره على الرغم من حزنه العتيق.