البضاعة الناعمة

آراء 2023/11/28
...







 بشير خزعل 


من الموضوعات المهمة التي تحتاج الى وضـع سياسة تشريعيّة في موضوع العقوبات أو إيجاد آليّة تنسيقيّة بين الدولة والسلطات المحليّة وكـذلـك التنسيق بـين الـــدول الإقليميّة والدول المجاورة للعراق هو قانون الاتـجـار بالبشر، لكونها من الجرائم العابرة للحدود وتعاني منها الكثير من دول العالم، خصوصاً أن أغلب ضحايا هذه التجارة لا يعلمون بأنّهم ضحايا يتم استغلالهم في أعمال متفرعة لأغراض التسوّل والدعارة والمتاجرة بالاعضاء البشريَّة، لا أحد يستطيع ان ينفي بأن هذه الظاهرة موجودة في العراق بشكل ملحوظ، بل توسّعت وهنالك عصابات وجماعات تنشط في هذا المجال  وارتفعت مدياتها وأرقـامـهـا فـي الفترة الأخـيـرة، وتنوعت صورها وأصبحت منظمة من خلال خطف الأطفال واستخدام النساء للبغاء، والعمالة والـنـخـاسـة والاتــجــار بالأعضاء البشريَّة وكذلك الزواجات القسريَّة، ودخلت المتاجرة بالاعضاء البشريَّة في نطاق آخر من التحايل على القانون وهو  تسمية (التبرّع) كما يحدث في عمليات بيع الكلى في بعض المستشفيات الاهلية التي تقوم بمثل هذه العمليات تحت هذا الغطاء وبأوراق قانونيّة تثبت خلو مسؤولية المستشفى عن الاتفاق بين المتبرّع والمريض برغم عدم وجود صلة قرابة بين الطرفين، فكل ما في الامر هو ان يكون المتبرع راشدا وضمن السن القانونية او بتوقيع وموافقة أحد والديه اذا كان قاصرا، أمام وجود مثل هذه الظاهرة التي تتفاقم خطورتها على المجتمع لا بدَّ أن تكون هناك سياسة تشريعيّة لقانون الاتجار بالبشر وتشديد في موضوع العقوبات، أو إيجاد آليّة تنسيقيّة بين الدولة والسلطات المحليّة والدول الإقليميّة والدول المجاورة للعراق، للحد منها ومنعها بشكل قاطع والاستفادة من الخبرة الفنية التي توفرها الأمم المتحدة في التعامل مع هذه الملفات المهمة التي  تكون اغلب ضحاياها عادة من النساء والأطفال والأحداث، قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم (28 لسنة 2012) الذي صدر وتم العمل به، تضمنت المواد (5 و6 و7 و8 و9) عقوبات لمرتكبي هذه الجريمة بدءاً (بالحبس ثلاثة سنوات وبغرامات مالية تبدأ بخمسة ملايين دينار إلى خمسة وعشرين مليون دينار). 

وهذه العقوبات لا تعد شيئا أمام ظاهرة بالغة الضرر على المجتمع العراقي وبنيته وبيئته الاجتماعية والدينية.

إعادة النظر بعقوبات المتاجرين والمروّجين لهذه التجارة اصبحت ضرورة ملحة للحد من تنامي استغلال الوضع المادي لبعض فئات المجتمع، وما يخلّفه من انعكاسات سلبيّة مستقبليّة في حياة الناس وفسح المجال لتكون هناك طبقة او فئة جديدة من المعاقين نفسيا وجسديا ربما لاتسطيع التناغم او الاندماج في البيئة الاجتماعية المحيطة بها بسبب الضرر الذي وقع عليهم نتيجة قساوة ظروفهم المعيشيّة.