تصفير المشكلات

آراء 2023/11/28
...







 سعد العبيدي 

لا يختلف اثنان من أهل العراق، عرباً كانوا أم كرداً على تجذر وتعقيد المشكلات بين الدولة والمؤسسات المركزية من جهة، وبين الإقليم من جهة أخرى، كذلك لا يختلفون على كثرة تلك المشكلات وتعددها، ولا يختلفون أيضاً بالنظر الى حتمية إنهائها، أو كما يرى البعض لضرورة تصفيرها، مشكلات كلما اقتربوا خطوات باتجاه حلها تظهر تعقيدات في تفاصيل الحل، وربما مشكلات جديدة تأتي من فقدان الثقة بين الجانبين، ومساعي كل منهما لتحقيق كل أهدافه على حساب الآخر، أو تحقيق أعلى قدر من الربح على حساب الآخر.

إنَّ عموم المشكلات ذات الصلة بوضع الإقليم وأهله في الدولة العراقية جاءت مع بدايات تأسيس الدولة، التي لم ينظم ساستها الأول شكل العلاقة الصحيحة مع الإقليم، ولم يقتنع أهل الإقليم بصيغة العلاقة التي تربطهم مع الدولة، وفي عقولهم عديد من المشاريع القومية لتكوين دولة كردية وضعتها جل الأحزاب الكردية هدفاً من أهدافها، وثقافة تدفع الأجيال للإيمان بها. 

ومع هذا فالمنطق والعقلنة السياسية تدفع الى القول إنّ الأهداف القومية الكردية ومهما اقتربت من الواقع أو ابتعدت عنه، حقيقة لا تلغي الحاجة الى حل المشكلات القائمة بين الجانبين، والقول أيضاً بضرورة إعطاء الفرصة الى العقل الكردي للتفكير العقلاني الصحيح بمستقبله في ضوء مصالحه هو ومصالح من حوله دولاً كانت أم شعوباً، والقول أيضاً إن أهداف الدولة المركزيّة في إعادة البناء، وتحقيق الأمن والرخاء لأبناء العراق لا يمكن أن تتحقق بالشكل الصحيح والمطلوب إذا لم تحل المشكلات مع الإقليم التي بقيت سبيلاً لاستنزاف الجهد والثروة لعشرات السنين، والقول كذلك إنّ دعاة تصفير المشكلات بين الإقليم وبين الدولة محقون في تمنياتهم، التي لا يمكن أن تتحقق أو يتحقق بعضها، إذا لم تحسن النوايا، وتعاد الثقة الى النفوس، وتسعى الأطراف جميعها للعمل في مفاوضاتهم للحل على تحقيق أعلى قدر من الربح للجميع وبأقل ما يمكن من الخسارة للجميع أيضاً.