أيهم أكثرُ تأثيراً في مسار الأغنية العراقيَّة؟

ثقافة 2023/11/29
...

 أ.د. قاسم حسين صالح *

في 10 /11 / 2023 وجهنا استطلاعا للرأي العام كان بالنص: (برأيك ما الذي أحدثه هؤلاء الثلاثة من تطور في مسار الأغنية العراقية: ناظم الغزالي، كاظم الساهر، ياس خضر؟. وأيهم كان الأكثر تاثيرا؟. وتوزعت الأجابات بين أربعة مواقف:  الفريق الأول يرى في ناظم الغزالي بأنه: لا أحد يضاهيه، وأنه حالة استثنائية لن تتكرر، وأن تأثيره امتد من المحيط الى الخليج، وأنه يمثل المدرسة البغدادية والمقام العراقي. وهو الذي نقل الأغنية العراقية (المقامية خاصة) إلى الفضاء الأوسع.. من التنغيم والألحان المفتوحة على الإبداع.

وانتشارها في الوطن العربي في ستينيات القرن الماضي، وحتى الآن يتغنى البعض بأغنياته وكأنها من أغاني الوقت الراهن، (وتحس بيها ريحة العراق القديم الحلوة وصوته الشجي).
 ويرى الفريق الثاني أن كاظم الساهر كان اللامع عربيا وانه الأكثر ذكاءً الذي عرف اللعبة الغنائية باداء النص الفصيح، خصوصا للشاعر نزار قباني، حقق بها شهرة عربية واسعة فاقت بفعل الفضائيات، كل المغنين العراقيين. وأنه يمثل مدرسة معاصرة بقدرته على تلحين القصيدة وإدخالها للبيوت بكل يسر وسهولة، وهو الأكثر إنتاجا من الآخرين، ويعرف كيف يلامس عقول كل الفئات بألحان متنوعة وبموضوعات متنوعة.
ومع أنه ملحّن جيد أكثر من كونه مطربا، فإنه هو المتسيّد الآن على الساحة الغنائية ويستحق لقب سفير الغناء العراقي والعربي أيضا.
ويرى الفريق الثالث أن ناظم الغزالي انطلق بالأغنية العراقية إلى خارج العراق، بينما كاظم الساهر ابتعد عنها، وأن الأكثر حضورا وتأثيرا هو ياس خضر، وهو الذي يمثل  مدرسة الغناء السبعيني، أدى الأغنية العراقية بطريقة الفرات الأوسط والجنوب بحداثة وإحساس، لأنه تأثر بالقراءات الحسينية، وأنه يتمتع بموهبة أصقلها محمد جواد أموري، ثم  طالب القره غولي، وستبقى اغانيه تتأثر بها الأجيال القادمة.
واذا كان ناظم قد نال شرف سفير الأغنية العراقية لحقبة طويلة من الزمن، فإن ياس أكمل المسيرة، وسيبقى هو مطرب الاجيال وصاحب الفضل في دمج الغناء الريفي بالغناء العراقي، وأنه لا صوت يعلو على صوت الأرض ياس خضر.
ويرى الفريق الرابع بأن لكل من هؤلاء الثلاثة بصمة كان لها تأثيرٌ كبيرٌ على الساحة الفنية، وأنه يصعب المقارنة في ما بينهم، فلكل واحد منهم طريقته الخاصة، التي أبدع فيها.. وبيئته وثقافته وعصره.
فالغزالي تميز على الجميع بجمال ورقة وعذوبة صوته وأداء المقامات بدقةٍ واتقان. ومع أن صوت كاظم الساهر ليس كصوت الغزالي، ولا أجمل منه، غير أن أداءه دقيقٌ للغاية، وأنه، بفضل كونه ملحنا، فإنه تفوّق على غيره  بغزارة تشكيلاته للجمل الموسيقيَّة، وابتكاره الوانًا جديدة لم تكن شائعة واختراقه عالم الغناء العربي.
إما ياس خضر فهو يتمتع بصوت جميل ونادر، لكنه ليس ملحنا، كما أنه لم يخترق عالم الغناء العربي، ولم يطرق كل ألوان الغناء العراقي، لذلك فإن المقارنة تتخذ محاور متعددة بين جمال الصوت والموهبة والتلحين، والقدرة على أداء مختلف ألوان الغناء العراقي والعربي أيضا.
ويرى آخرون أن ناظم الغزالي وضع الأسس للغناء العراقي الحديث، وياس خضر رسّخها، وكاظم الساهر وسّعها، وأنهم جميعا جسدوا الحزن العراقي عبر التاريخ والزمان، الذي رافق الإنسان العراقي منذ الأزل ولغاية الآن.

• مؤسس ورئيس الجمعية
النفسية العراقية