غزة وخذلان المجتمع الدولي

آراء 2023/12/03
...

عباس الصباغ

بعد أن شهد العالم كوارث إنسانيّة كبرى تمثلت في الحربين العالميتين العظميين الأولى والثانية اللتين خلفتا أكثر من 70 مليون قتيل وأكثر من مئة مليون جريح، مع تدمير شامل لكثير من الدول منها اليابان، فضلا عن الحروب والنزاعات الحدوديّة والحروب المستعرة بالأصالة أو بالوكالة في جميع انحاء العالم، فقد فشلت  المنظمات الدولية (الامم المتحدة ومجلس الامن) في احتواء حدة الصراعات التي تنتهك حقوق الانسان وتؤثر سلبا في الامن والسلم  الدوليين، كما أدى ذلك إلى استفراد اسرائيل في انتهاكات حقوق الانسان وتلاعبها بالقرارات الامميّة المساندة لفلسطين وبمشاركة  القوى العظمى وحلف الناتو والغرب، فضلا عن استهتارها بكل قيم ومبادئ المجتمع الدولي، هيأة الأمم المتحدة التي تأسست عام  1945م بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية فقد كانت الحاجة ماسة إلى تدارك الوضع المأساوي الذي صحا عليه العالم المنكوب، حيث ساد الخراب والدمار والموت والمآسي كل بقاع الأرض مما دعا دول العالم المجتمعة في سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة الأمريكية، إلى إبرام ميثاق لهيأة الأمم المتحدة والذي نص في ديباجته على: تحريم اللجوء إلى القوة لتسوية المنازعات الدولية وعدم شرعنة الحروب التي لا تخلّف سوى المآسي.
وبغية تحقيق أهداف هذه المنظمة، ومقاصدها أنشأت هذه الدول (الجمعية العامة للأمم المتحدة) للإشراف على جميع ما يتصل بنشاط المنظمة، وهيئاتها، وأنشأت (مجلس الأمن الدولي) الذي أنيطت به مسؤولية الإشراف على الأمن العالمي، وحماية السلم الدولي، ومنع الاعتداء، ويحتكم هذا المجلس إلى:
أولا: اتفاقيات جنيف الأربع عام 1949 والى البرتوكولين الإضافيين الملحقين بها لعام 1977م، فقد وفرت هذه الاتفاقيات الحماية الملزمة للمدنيين الخاصة وللجرحى والمرضى والعجزة والحوامل والنساء والأطفال وكبار السن وحماية المنشآت المدنيّة والمشافي المدنية التي تقوم برعاية المرضى والجرحى والعجزة والمسنين (كما يُفترض)، وألزمت الدول المتصارعة بما يلي :1 - ضرورة التفرقة بين السكان المدنيين وبين المقاتلين.
2 - حماية السكان المدنيين ضد الأخطار الناجمة عن العمليات العسكرية. 3 - حظر الهجمات العشوائيّة ضد المنشآت المدنيّة تماما.  ولكن!!
بالنظر إلى ما يحدث الان في غزة فإن الأهداف والغايات والمصالح التي تأسست من أجلها (الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الامن الدولي) هو هدف استراتيجي واحد، وذلك لحفظ الأمن والسلم الدوليين فلم يتحقق هذا المطلب العالمي بل حدث العكس فما زالت اسرائيل تخالف جميع ما ورد من بنود في مواثيق الأمم المتحدة الخاصة بقواعد الاشتباك لا سيما ما ورد في اتفاقية جنيف وتتعامل مع المدنيين العزل، فضلا عن المنشآت الحيويّة والبنى التحتيّة كـأهداف مستباحة عسكرياً والتعامل معها بكل وحشيّة وبربريّة وبضوء أخضر امريكي ـ غربي لتفريغ غزة من أهلها وتحقيق الحلم الصهيوني الذي عجزت اسرائيل عن تحقيقه منذ 1948 بارتكاب أفعال تصنّف وفق القانون الدولي انها جرائم حرب، وما عدا الاستنكار والاستهجان الشعبي العالمي العارم حتى في امريكا نفسها  ضد تصرفات وانتهاكات اسرائيل وجرائمها فقد بقيت جميع الهيئات الدوليّة والاقليميّة عاجزة عن اتخاذ موقف يلزم اسرائيل بوقف جرائمها أو وقف اطلاق النار في الاقل.