غزة.. قصَّة صمود

آراء 2023/12/04
...


 د. صادق كاظم


تواصل آلة الحرب الصهيونيَّة الإجراميَّة حرث قطاع غزة بالنار، حيث بات كل شيء على الأرض مدمرا ومبادا. يهدف الصهاينة إلى قتل أكبر عدد ممكن من سكان القطاع ضمن منهج ثأري انتقامي وسط صمت وتواطؤ امريكي غربي سياسي وإعلامي يجامل الصهاينة ويبرر لهم أعمالهم البشعة تلك .يدعي الصهاينة بأن تلك الهجمات ضرورية ومبررة للقضاء على عناصر حماس الذين يختبئون وسط المنازل والمدارس، ولذلك فإن هذا القصف من وجهة نظر الصهاينة للقضاء عليهم، إذ بلغ عدد الشهداء أكثر من 14 ألف شهيد وهو رقم مرتفع يعكس مدى الإجرام والتوحّش الذي وصل اليه الصهاينة، حين يستهدفون المدارس والاحياء السكنية والمستشفيات باعتبارها أهدافا مشروعة للقصف المدفعي والجوي.
اسرائيل تعد غزة هدفا حربيا مفتوحا ومباحا ولا استثناء لأية منشآت أو منازل من هذا القصف الذي كشفت صور الاقمار الصناعية بأنه غَيَّرَ وجه غزة وأحالها إلى مدينة من الركام وكأنَّ قنبلة نووية سقطت على المدينة، حيث أن أطنانا هائلة من القذائف والصواريخ قد سقطت على المدينة المحاصرة والمعزولة منذ سنوات طويلة .
اسرائيل تريد محو المدينة من الوجود بأي ثمن وهي تسوق فكرتها الهمجيّة هذه بمبررات وذرائع امنية وسياسية وسط استقواء بالدعم الامريكي المنحاز اليها والذي اكده الرئيس العجوز بايدن عندما زار تل ابيب وقدم دعما معنويا للحكومة الصهيونية واطلق لها العنان لمواصلة جرائمها وحروبها في غزة .
الصهاينة اليوم يعيشون معضلات صعبة فلم تعد حروبهم مع العرب مجرد نزهات ترويحية كما كانت خلال العقود الماضية، حيث تقاعدت اليوم أغلب الجيوش العربية ولم تعد معنية بالنزاع لاسباب سياسية وما مرت به المنطقة من احداث وحل محلها الصراع مع تنظيمات عقائديّة على شكل منظمات مسلحة أصبحت مزودة بالصواريخ والطائرات المسيرة واكثر احترافا وخبرة في قتال الصهاينة، حيث يسطر ابطال حزب الله في لبنان والتنظيمات المسلحة في فلسطين أروع الصفحات في قتال الجيش الصهيوني وإلحاق أفدح الخسائر به وهي نفسها من ألحق الهزائم بهذا الجيش الذي اصبح اليوم عاجزا وضعيفا.
يقاتل ابطال المقاومة اليوم في غزة قتالا ملحميا بطوليا وهم يواجهون أعتى آلة عسكريّة جبارة في المنطقة وبأسلحة بسيطة وهم يقومون بتدمير المدرعات الصهيونيّة ويقتلون أطقمها من الجنود والضباط، وهو ما يجعل القيادة الصهيونية الإجرامية تشعر بانها باتت في مستنقع عميق وفي الوقت نفسه تطرح الاسئلة حول المغزى أو الجدوى من دخول الجيش الصهيوني إلى عمق قطاع غزة لتحقيق هدف غير واقعي ألا وهو تدمير حركة حماس والقضاء على قياداتها وهو أمر سبق ان جرّبه الصهاينة في الماضي ضد حركة فتح والتي انتهت قصتها بعودتها إلى ارض فلسطين وتحولها إلى سلطة مدنية حاكمة في القطاع برغم الموآخذات على قياداتها .
سيفتش الصهاينة مع تزايد الضربات أوالخسائر الموجعة التي تلحق بصفوفهم والتي تبثها كتائب القسام على مواقع التواصل الاجتماعي والتي لن يستطيعوا إنكارها وتجاوزها عن هدنة سيتمنون بأنها  ستستمر طويلا للخروج من عنق الزجاجة الذي وجدوا انفسهم فيه وهم يقفون عاجزين عن تحقيق أهداف عمليتهم العسكرية الوحشية . غزة ستبقى بأبطالها صامدة ولن تنال منها جيوش الصهاينة المجرمين الذين سيندحرون من على بواباتها كما فعلوا في السابق، حين لاذوا هربا منها بعد أن أوجعتهم ضربات فصائل المقاومة فيها في مشهد هروب سيبقى راسخا في ذاكرة التاريخ.