مهدي القريشي
حسب احصائيات وزارة التخطيط العراقيّة فإنّ العدد الإجمالي لسيارات القطاع الخاص والمسجلة في مديرية المرور العامة بلغت (7) ملايين و (460) ألف سيارة لغاية2021 في جميع أنحاء العراق وتشمل (اللوحات الدائمة، لوحات العرض المؤقت، اللوحات الجديدة، والمشروع الوطني والموازي)، في حين ان نسبة زيادة عدد السيارات عن سنة 2020
بلغت 6 %.
لكن وفي (حسبة) بسيطة فإن معدل عدد السيارات المسجلة سنة 2021 بجميع لوحاتها بلغت (181) سيارة لكل (1000) شخص من سكان العراق وان نسبة السيارات العاملة في شوارع العراق إلى الطرق المبلطة عدا اقليم كردستان بلغت (127) سيارة/كم.
في حين تتوقع مديرية المرور العامة ان تصل أعداد السيارات في بغداد نحو (5) ملايين سيارة نهاية 2023.
وفي نظرة بسيطة إلى مجموع الطرق المعبّدة والمهيّأة لاستقبال هكذا عدد من السيارات لا يستوعب أكثر من (250) ألف سيارة كحد أدنى حيث ان الطاقة الاستيعابية للسيارات العاملة في بغداد تتراوح ما بين 150 - 250 ألف سيارة، ازاء هذا الكم الهائل وغير المسبوق في تزايد السيارات العاملة في شوارع العراق عامة وبغداد خاصة فإن الحلول الجزئيّة لفكِّ الاختناقات المروريّة تبدو غير مجدية بالمرة.
وبالرجوع إلى بداية الأزمة المرورية وأسباب استفحالها يعود بنا الزمن إلى ما بعد التغيير المدوي الذي حدث في العراق سنة 2003 والمتمثلة بالقرارات الارتجالية لسلطة بريمر (سيئة الصيت) والتي فتحت الحدود على مصراعيها لدخول البضائع المستهلكة والمواد الغذائية المنتهية الصلاحية والكاسدة والتي لم تخضع إلى معايير الجودة والمتانة، والمتكدسة في مخازن دول الجوار وغيرها وتدفقها من دون حسيب أو رقيب، يضاف إلى ذلك الوفرة المالية لبعض شرائح المجتمع العراقي متمثلة بزيادة رواتب الموظفين وظهور طبقة طفيلية تعمل في التجارة من دون خبرة أو دراية ومن دون تفكير في مصلحة الشعب والوطن، همها الاساس جني الارباح وزيادة ثرواتهم الشخصية، وفي الجانب النفسي الاجتماعي سعى الفرد العراقي المتمكن من تعويض النقص الذي كان يعاني منه في زمن الحروب والحصار بعدم امتلاكه للسلع الترفيهية كالسيارات الحديثة والادوات المنزلية والضرورية للحياة الاجتماعية أسوة بالشعوب الاخرى، وقد برز جلياً الفارق الطبقي بين فئات المجتمع فظهرت السيارات الحديثة، الفارهة لطبقة الميسورين.
وبين من لا يقوى على شراء هكذا سيارات فالتجأ إلى شراء السيارات القديمة، ورغم الوفرة الحالية في اعداد السيارات وحضورها بشكل لافت للنظر في الشارع العراقي لكن يسجل غياب الاصلاحات الضرورية، ليس على مستوى تطبيق القانون فحسب بل العمل على ادامة وانشاء البنية التحتية والضرورية لاستيعاب الكم الهائل من السيارات وان برنامج تأثيث الجسور والمجسرات والعمل تشييد الجديد منها أصبح بطيئاً وخجولاً، أضف إلى ذلك الاهمال للكثير من الانفاق وعدم إدامتها بالصورة التي تليق مع الوفرة المالية للبلد، أما الطامة الكبرى فمتمثلة في التخسّفات والتكسّرات في الطرق الخارجية والتشييد السيء للمجسرات في بعض المحافظات التي أصبحت لا تقاوم أعداد السيارات وحجومها الكبيرة مما أدى إلى انهيار بعضها .
الحلول المقترحة لا تنسجم مع عمق وكبر الأزمة وليس بوسعها حل مشكلة الاختناقات المرورية بالكامل خاصة في العاصمة بغداد فتنفيذ 19 مشروعاً في العاصمة من قبل أمانة بغداد وبالتنسيق مع وزارة الإعمار والإسكان والبلديات العامة، تسهم في معالجة جزء من الأزمة المرورية إلا أن الحل يكمن في ازدياد عدد السيارات داخل البلد فالحل الأكثر تأثيراً في معالجة الازمة هو ايقاف استيراد السيارات لمدة سنتين على اقل تقدير، وفتح منافذ لبيع السيارات المستعملة كما هو معمول به في معظم الدول، فضلا عن انشاء مترو في بغداد والذي سوف يكون وسيلة للنقل الجماعي وبأسعار مخفضة وكل هذه الاقتراحات وهناك اقتراحات أخرى لاصحاب الاختصاص ومن أجل ترجمتها على أرض الواقع تحتاج إلى قرار سيادي وأنا على ثقة تامة من أن السيد رئيس الوزراء سوف يعمل بكل جهد من أجل حل أزمة الاختناقات المرورية في البلد.