نساء جنوب أفريقيا ينسجن حكايات الحب والخسارة

ثقافة 2023/12/05
...

  ترجمة: ثريا جواد


قامت مجموعة من النساء الموهوبات الذين يُعرف أسلوبهم المميز في التطريز الملون في جميع أنحاء العالم بـإنشاء عمل فني ضخم على القماش متعدد اللوحات شاركت فيه نحو 130 امرأة من مقاطعة كيب الشرقيّة في جنوب أفريقيا، المتضررة بشدة من فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) لإحياء ذكرى حياة الأفراد الذين ماتوا بسبب المرض وللاحتفال بتصميم المجتمع في التغلب على الإيدز. 

والعمل الفنيّ هو عبارة عن صرخة صادقة ضد انهيار المناخ، وتجسد لوحة "مذبح كيسكاما" الدمار الذي خلفه فيروس نقص المناعة، ومدى قدرة المجتمع على الصمود في هامبورغ. واللوحة التي صنعت من قبل مجموعة نساء من الريف على مدى أكثر من 20 عاما، تضمنت التطريز والخرز والنحت السلكي والصور الفوتوغرافية، تقف فيرونيكا بيتاني امرأة تعمل لحسابها الخاص من منزلها في جنوب أفريقيا عند سفح النسيج المعلق العملاق، وتتذكر الفترة المريرة التي تم تصويرها في خيوطها الملونة (نساء حداد يراقبن الأطفال الأيتام وغرفة المستشفى مليئة بالأجساد الهزيلة تتنهد وهي تحدق في العمل الذي قامت بتطريزه مع 130 امرأة أخرى، وتقول: هذه جنازة ابن ماما سوزان باليسو، لقد كان صنع هذه القطعة مؤلمًا للغاية، لأنها ليست مجرد قصة، بل إنها قصة أشخاص نعرفهم وأحببناهم وغيرهم فقدوا أحباءهم.

تضيف بيتاني بفخر، أن مفروشاتنا "آذاننا مفتوحة" عُرضت لوحة المذبح في تورونتو في مؤتمر الإيدز الدولي عام 2006. 

أما التحفة النسائية الأولى التي هي نسيج كيسكاما، ويبلغ طوله 120 مترًا (394 قدمًا) والمستوحى من نسيج بايو، فأنه يصور التاريخ الاستعماري لجنوب إفريقي. 

اللوحة معروضة بشكل دائم في برلمان البلاد، وأحدث أعمالهم عبارة عن قطعة مبهجة يبلغ طولها ستة أمتار في مترين، بتكليف من الصندوق العالمي للطبيعة (WWF)  ليتم عرض هذه التحفة الفنية في وقت مناسب - للناس والطبيعة - حيث سيجتمع قادة العالم قريبًا في دبي لحضور مفاوضات المناخ الحاسمة COP28 يُطلق عليه اسم  "اومليبو" بلغة الهوسا، وهو يصور مخاوف وآمال المجتمع الصغير في مدينة هامبورغ الشرقية في كيب تاون لمواجهة أزمة المناخ.

تستيقظ بيتاني كل يوم في الساعة الثالثة صباحًا غاية في إعداد وجبة الإفطار لأحفادها، قبل السيرعبر التلال إلى استوديو كيسكام، وتتذكر "الصعود والهبوط" على مر السنين اعتمادًا على العمولات المتقلبة، وهي تقول " لقد أطعمت أطفالي من الفن، لأنه بالنسبة لي هو جزء من الشفاء".

وتقول نوزيتي ماكوبالو،62 عاما، وهي المعيل لعائلتها وواحدة من بين 45 امرأة، فكانت مهمتها خياطة القطعة: أومليبو هي نبات قرع بري ينمو وينتشر، لذا آمل أن تنشر هذه القطعة الوعي لدى المجتمعات الأخرى في كل مكان، علما أني انضممت إلى مشروع كيسكاما الفني منذ بدايته، وتحديدا قبل 23 عامًا، وما زلت أتذكر أنني كنت جائعة للغاية، ولكن هذا العمل غيّر حياتي وجعلني فخورة بكوني مستقلة، "لقد أصبحت فنانة".

تأسست مؤسسة كيسكاما تراست في العام 2000 على يد الطبيبة والفنانة كارول هوفماير لتعزيز الكرامة في مجتمع دمره فيروس نقص المناعة البشرية، وتهدف المؤسسة نشر برامج الصّحة والتعليم إلى جانب أكاديمية الموسيقى في المنطقة، فضلا عن أعمال التطريز التي نالت قدرا كبيرا من الاستحسان.

في استوديو المشرق، تناقش أكثر من عشرين امرأة تصاميمهن، وتجلس غيرهن على الحقائب وأغطية الوسائد والستائر التي يخيطونها بالزهور والأشجار والطيور ويبيعونها في متجر قريب.. تتحدث ماكوبالو بأعلى صوت وهي تقود كرسيها المتحرك بين قطع القماش الطويلة المنتشرة على الأرض، وتقول "سأخبر الجميع عن هامبورغ مدينتنا الجميلة، وعن تغير المناخ، سأطلب منهم المساعدة للمضي قدمًا، سأخبرهم أيضا عن نساء كيسكاما اللاتي يعتنين بأطفالهن وأحفادهن "نحن النساء، نحن الركائز."

عن الغارديان