عبدالأمير المجر
عقدت في بيت الحكمة يوم الأربعاء 29 - 11 - 2023 جلسة صباحية قدم فيها استاذ الاعلام الدكتور كاظم المقدادي محاضرة بعنوان (خطاب الأنسنة في تقنيات اتصال الذكاء الاصطناعي).. لا شك أن العالم انشغل بشكل كبير في السنين الأخيرة بالحديث عن (الذكاء الاصطناعي)
وخطورة توظيفه في مجالات غير انسانية وغير اخلاقية، أو لتزييف وقائع واصطناع اخرى.. الخ من مخاطر نعرف بعضها ونجهل البعض الآخر، مع أننا سنكون بمواجهة هذه التقنية، التي تجرى البلدان المتحضرة حملات تثقيفية واسعة للتعريف بها، وبجوانبها الإيجابية والسلبية معا.. شخصيا ليست لدي معلومات كافية حول هذا الموضوع، الذي أقرأ عنه باستمرار في مواقع الانترنت والفيسبوك وأسمع ايضا في الإعلام، لكن قراءة علمية عميقة ووافية له هو ما احتاجه ويحتاجه الكثيرون غيري.
المقدادي وبحكم خبرته الاعلامية الطويلة، ولكونه أصدر من قبل كتابا في غاية الأهمية بعنوان (جدل الاتصال)، تناول فيه رحلة الاتصال ورموزه عبر التاريخ، وكيف كان حاسما في نشوء الحضارات، إضافة إلى كتب أخرى كثيرة عن الاعلام في شؤونه وشجونه، يعد اليوم من افضل الذين يتحدثون عن هذه المسألة، وقد جاءت محاضرته هذه في سياق رسالته الإعلامية الاخلاقية، محذرا مما يحمله (الذكاء الاصطناعي) من مخاطر وضرورة مواجهتها والتثقيف عليها، مستعرضا لنماذج مختلفة لهذه التقنية الجديدة، وقد ترافق ذلك مع عرض أفلام قصيرة، من بينها ظهور فتاة (مصنّعة) ومعبأة بمعلومات كثيرة جدا، أجرى معها مذيع عربي لقاءً تلفازيًّا، وكانت ردودها مذهلة، حيث ظهرت وكأنها حقيقية وأخريات ظهرن يتجولن بين الناس في (هونك كونك) ويتحدثن معهم، وكذلك استحضار اشخاصٍ متوفين أخذت لهم بصمات صوتية وتمت ممازجتها بصورهم أو بأفلام لهم قبل وفاتهم وتلقيمهم بمعلومات كثيرة، وظهروا يتحدثون مع ذويهم كما لو أنهم احياء! وغيرها من الأفلام، التي قالت لنا بوضوح إن تقنية (الذكاء الاصطناعي)، اذا ما استخدمت بشكل سيئ ولمقاصد شريرة، فإنها قد تتسبب في أزمة أخلاقية كبرى تعصف بالعالم، وتسهم في تغيير قيم الحياة وطرق العيش.
مشيرا إلى أننا بقينا وباستمرار نتلقى بشكل متأخر الاختراعات الجديدة في العالم ودفعة واحدة، الأمر الذي خلق لنا مشكلات، كان بالإمكان تجنبها، لو أننا استعددنا مسبقا للتعامل معها، وها نحن اليوم لم نعرف حتى الآن الكثير عن (الذكاء الاصطناعي) وحين يقتحمنا سنكون في حيرة وارتباك.
لقد كان للحضور مداخلات، بعضها مهمة وعميقة لأساتذة من ذوي الخبرة، وبعضها الآخر استيضاحية.. لكن يبقى الأهم هو أن هكذا محاضرات، يجب أن تصل مضامينها لعموم الناس وتثقيفهم، لمواجهة هذا القادم، الذي سيحل بيننا حتما، وعلينا أن نعرف كيف نستفيد من خدماته، وكذلك نصنع المصدّات التي تحمينا من شروره، وأن أفضل أنواع الحماية تتمثل بالتثقيف الواسع، لا سيما لشرائح الشباب والطلبة، كونهم الأكثر استخداما للتقنيات الحديثة، التي ستكون ميدان (الذكاء الاصطناعي) ووسيلته لإيصال رسائله، المفيدة والضارة معا.
ما ينهض دليلا على عدم اهتمامنا بخطورة هذا الأمر، هو غياب وسائل الإعلام عن الجلسة التي أعلن عنها قبل أيام من انعقادها، بينما نشاهد من خلال الفضائيات الكثيرة متابعة نشاطات ليست ذات أهمية أو فائدة للناس، وتأتي في سياق الدعايات الحزبية والسياسية.. وتلك حيرة
أخرى!