سامر المشعل
واحدة من أجمل وأعذب اغاني الفنان حسين البصري، شاعرها تم تنفيذ حكم الاعدام فيه، في عقد الثمانينيات في زمن نظام البعث الصدامي، ولم يستطع هذا الشاعر أن يسمع كلماته بصوت الفنان حسين البصري، ويرى نجاح أغنيته التي انتشرت بشكل واسع، لم يحفظها الشباب آنذاك وحسب، وانما طبعت على وجدان العشاق والمحبين، وهي أغنية "ناذر اذا رديتي". نظراً لما تمتاز به هذه الأغنية من صدق المشاعر ورهافة الحس وعفوية انسياب كلماتها، وقد أجاد الفنان حسين البصري تلحينها وأداءها، وبسبب نجاح هذه الأغنية أعاد تقديمها العديد من المطربين العراقيين والعرب.. وما زالت حاضرة في الحفلات وجلسات الغناء والسمر.
يذكر الفنان حسين البصري قصة هذه الأغنية وشاعرها وكيف وصلت إليه، بأن شاعرها جندي محكوم بالاعدام، وكان هذا الشاعر يتوسل بالمأمور، الذي يقتاده من السجن الى المحكمة، أن يأخذه إلى بيت الفنان حسين البصري.
في أحد الايام سمع البصري طرقا على الباب، فأخبره المأمور بأن معه شاعر يريد رؤيتك، وعندما قابله في بيته، أخبره الشاعر بأن لديه نصوصًا غنائية رائعة، اذا ما كتب له أن يعيش، فسوف يجلبها له، وأنها ستعجبه.. ومن ضمن النصوص التي كانت بحوزته، نص أغنية " ناذر اذا رديتي .. للحب والي حنيتي .. لزرعلك الدربونة ورد .. من بيتك لحد بيتي".
أعجب الفنان حسين البصري بهذا النص وقرر أن يغنيه، لكن النص غير مكتمل، وقد غيّر المطرب مفردة " الدربونة" إلى السكة.. لأن الدربونة غير مفهومة في الخليج وبعض البلدان.
ذهب الشاعر ولم يعد، فعرف البصري أن الشاعر قد أعدم.
عندما استمع الشاعر كريم خليل إلى الأغنية، أعجب بها وتساءل لماذا شاعرها لم يكملها، فأخبره البصري أن الشاعر معدوم. ثم أكمل كريم خليل مناصفة مع حسين البصري كوبليهات الأغنية، فكتب كريم خليل مقطع:" حني على جفن الساهر .. كلب الي بعدج حاير .. يامحب مثلي صابر .. كل راح اجه وما جيتي". واضاف حسين البصري مقطع: "يا فرحتي بسنيني مشتاك انه وتدريني .. شاطي الفرح وديني وبحالتي سويتي".
ومما زاد من حسرتي على هذا الشاعر المترف الإحساس، الذي كانت جنايته أنه رفض أن تسلب حريته. أن الفنان حسين البصري لم يتذكر اسمه، عندما سأله الإعلامي أحمد شكري.
عندما يتم تنفيذ حكم الاعدام على هذا الشاعر الجميل ومضايقة وتهجير الملحنين والفنانين والادباء والكفاءات النادرة بمختلف الاختصاصات العلمية والاقتصادية والرياضية.. وتكريم المنافقين والمداحين وكتاب التقارير.. فهذا سيؤدي إلى انحدار المجتمع وإخلال منظومته القيمية، وهذا ماحدث بالمجتمع العراقي جراء سلوك الأنظمة السياسية الشاذة.