بغداد: رشا عباس
تصوير: نهاد العزاوي
بحضور جمهور غفير من الشخصيات الأدبية والثقافية والفنية، اختتم مساء الخميس الماضي على قاعة الشعب فعاليات مهرجان بغداد الدولي للتراث الموسيقي، والذي أقيم لمدة خمسة أيام متواصلة بعروض للموسيقى والغناء والطرب، وبمشاركة فرق عالمية ومحلية، تحت شعار "بغداد قيثارة السلام".
المهرجان عدَّ خطوة ايجابية لتحريك الساكن بالحركة الموسيقية باستقطاب فرق عالمية على قاعة الشعب العريقة، التي يرجع تاريخ تأسيسها إلى العهد الملكي.
أبدت الفرق المشاركة إعجابها بالفنون المتنوعة، التي كانت تعبر عن أطياف الشعب العراقي، وجمهوره المتذوق، الذي كان يحضر العروض بزي بغدادي، بحسب المايسترو علاء مجيد مدير المهرجان.
واضاف: استطعنا إيصال رسائل متنوعة من خلال الفن، كونه الوسيلة الأسرع في مخاطبة العالم، أولها استرجاع الليالي البغدادية القديمة، وهي تحتضن الفرق العالمية وتعريفها بتاريخ العراق الحضاري وفنونه الواعدة، واطلاع الفنانين الشباب على تجارب الدول، وكيف يتعامل مع الآلات الفنية والجمهور لتطوير أنفسهم وقدراتهم.
استهلت فعاليات حفل الختام فرقة "سومريات" بأغنية "بغداد والشعراء والصور"، التي قدمت عبر أصواتها النسائية الواعدة وألحانها العذبة الممزوجة بالمقامات العراقية الأصيلة، التي تغنت ببغداد وتغزلت بالعراق.
وأوضحت عازفة القانون هويدا حنا إلى أن الألوان الغنائية التي قدمت على المسرح غمرتها بالسعادة، وأضافت لها خبرة جديدة لتتجاوز ما تواجهها من صعوبات، مؤكدة نحن كفرقة نحتاج إلى تلك الفعاليات، لنتعرف على ثقافات بلدان أخرى وأذواقهم
الفنية.
أما فرقة "الخشابة البصرية" فقدمت فولكلورا بصرياً عبر لوحات موسيقية وغنائية راقصة، ومعزوفات إيقاعية ألهبت مشاعر الجمهور، الذي اكتظت به قاعة المسرح، والتي من خلالها عبر الفنان سعد اليابس عن شكره وتقديره إلى الجهات المعنية لدعوتهم إحياء ليلة من ليالي بغداد، وحركت مشاعر الجمهور المتعطش بأعمال فنية نابعة من البصرة الفيحاء ولتعزف ببغداد، معلنة السلام والحب
فيها.
"الموسيقى قانون أخلاقي يمنح الروح للكون" من هذا المنطلق وصف الملحن علي سرحان الأجواء، وكيف كانت تعبّر عن الفرح والسعادة، وهو يرى الجمهور يتسابق لمشاهدة العروض المحلية والأجنبية، والتي بدورها تعلن عودة أيام الزمن الجميل، والذي من خلاله برزت طاقات شبابية مميزة ومهمة، شكلت رقمًا مهمًا في الساحة العربية والعالمية، ليوافق الرأي الموسيقار عبد الرزاق العزاوي ويشيد بالتنظيم والإعداد للمهرجان، وكأنه يستحضر ليالي بغدادية سابقة، مبينا نحن بحاجة إلى مثل تلك المحافل الموسيقية، التي تعكس الاستقرار والجانب الإبداعي للفنانين، وتخرجهم من ظروفهم القاسية التي واجهتم خلال الاعوام الماضية.
من جهته، تمنّى الفنان قاسم اسماعيل استمرار مثل هكذا عروض في الأيام المقبلة، ودعم الحركة الموسيقية بشكل يليق بتاريخها وفنانيها، الذين يبذلون قصارى جهدهم لا يصال رسائلهم الإنسانية والفنية، التي من شأنها تحاول زج العراق في المحافل الدولية التي تنهض بالفنان.
اما الفنان محمد الشامي فقد طالب أن يكون هذا المسرح منبرًا للجمال والأدب، وألا يخلو من الفعاليات التي هي مصدر سعادتنا، والتي من خلاله نستخرج الطاقات الابداعية ونتخلص من همومنا.
وفي الختام تحسّر الدكتور هيثم شعوبي الباحث في الشأن الموسيقي، وهو يصرح لـ" لصباح" عن فترة السبعينيات كيف كانت تلك الفرق الأجنبية ترقص على المسارح وتقدم تراثها، موضحا تلك الخطوة التي بادرت بها الفنون الموسيقية، تعد فاتحة خير لنا كفنانين، نسترجع بها أيامنا وليالينا الجميلة المليئة بالحب والسلام.