سعد العبيدي
موقف الدولة العراقيَّة، أو بالأحرى الحكومة في هذه الأيام التي تزامنت مع الاستحقاق الانتخابي لمجالس المحافظات، موقف يوصف بالمأزق الخطير في ساحة الأمن والسياسة، وضعها فيه ضغط متعامد من اتجاهين، الأول آت من الفصائل المقاومة، أو بعض من فصائل المقاومة تلك التي أسهمت مع غيرها في تشكيل الحكومة، والتوقيع على برامجها، والاتفاق على صيغ تعاملها الدبلوماسي مع الجهد الدولي، والامريكي المتواجد حسب اتفاقات مع الدولة العراقية، والتوافق على نهج السياسة والبرنامج الحكومي، هذا البعض قد أشهر سلاحه، وبدأ قصفاً برشقات صواريخ لمجمع السفارة الأمريكية داخل المنطقة الخضراء، وأهداف أخرى لمعسكرات، وقواعد جوية عراقية يتواجد فيها مستشارون، وعسكريون بضوء الاتفاق المبرم مع الدولة، تقول عنهم أمريكان تريد إخراجهم من العراق بقوة السلاح الموسوم بالمقاومة، وتقول إنها تناصر الفلسطينيين التي تناصرهم مواقف الحكومة والدولة، وتقول أيضاً إنها تعاقب الأمريكان على موقفهم من حرب غزة وتأييدهم الإسرائيليين، والثاني قادم من الأمريكان وقوات التحالف الدولي التي تعهدت الحكومة حمايتهم، وهو الضغط الذي لا تقل مستويات خطورته عن الأول، إن لم تزيد عليه ثقلاً في ميزان القوة العسكرية، وفتكاً بالمقارنة مع صواريخ المقاومة التي لم تصب أحداً في جولتها الأخيرة حتى الآن.
إنّ ضغوط الاتجاه الأول أي البعض من فصائل المقاومة على الحكومة والمجتمع، نتيجة حتميّة لامتلاكها السلاح، وانفرادها بالقرار على استخدامه في الزمان، والمكان الذي تريد خارج سيطرة الدولة، ضغوط ستبقى قائمة، لإرباك الحكومة، واضعاف قدراتها على السيطرة وإعادة البناء، والاخلال بالأمن، وستستمر هكذا إلى اليوم الذي تخطو فيه الحكومة خطوة جريئة، لإنهاء مرحلة المقاومة، نقلها إلى عالم السياسة، لتسهم مع الآخرين في مقاومة الخطأ والتجاوز، والتخلف، والسير مع الغير في طريق البناء بالطرق المألوفة في الإدارة والحكم، والى أن يأتي ذاك اليوم، الذي سيأتي حتماً ستبقى البلاد تتنقل من مأزق إلى آخر، يبقيها ماثلة في آخر الركب العالمي، دونما أمل في الحياة مثل الغير في ذلك
الركب.