نرمين المفتي
تعديل وزاري بسبب تهمة فساد، طبعاً ليس في العراق، إنّما في اليابان، واستناداً إلى التقارير الصحفيَّة فإنّ رئيس وزراء اليابان فوميو كيشيدا، أعلن عن استبدال أربعة وزراء و11 منصبا وزاريا في حكومته، على «خلفية فضيحة تمويل غير معلن أثارت غضباً شعبياً كبيراً. وكان ممثلو الادعاء قد حققوا بتهمة إخفاء أكثر من 100 مليون ين (690 ألف دولار)، من الأموال السياسية على مدى خمس سنوات، ومن بين المتهمين كبير أمناء مجلس الوزراء ووزراء التجارة والشؤون والزراعة ومعهم نواب في البرلمان، واضافت التقارير بأنَّ المسؤولين الخمسة عشر ينتمون إلى الحزب الديمقراطي الحر الحاكم. وفي نهاية الشهر الماضي، كانت محكمة التمييز الكويتيَّة قد أصدرت حكمها النهائي في قضية «صندوق الجيش»، وقضت بسجن وزير الدفاع السابق الشيخ خالد الجراح الصباح وآخرين سبع سنوات مع الشغل والنفاذ. وقضت المحكمة ايضا بتغريم المتهمين في قضية «صندوق الجيش» مبلغ 105 ملايين دينار كويتي (340.50 مليون دولار) وإلزامهم برد ضعف المبلغ (681 مليون دولار) عن المبالغ المستولى عليها. وكما يبدو من اسم الوزير المحكوم فهو من العائلة الحاكمة وكان ضابطا كبيرا في الجيش وتسنم مناصب عدة قبل أن يكون وزيراً للدفاع.. لا أنفي قطعاً عمل سلطات القضاء والنزاهة في العراق ولكن كلما تضرر مسؤول أو سياسي ما يهدد بأنّه سيكشف ملفات الفساد التي يحتفظ بها لتتم التسويات بعده بعيداً عن المواطن الذي أتعبته التصريحات والظروف معا. طالب كثيرون أنه لا بدَّ من تطبيق قانون (من اين لك هذا) وهو القانون النافذ منذ صدوره في 1934 وجرى عليه تعديل واحد في 1959، ولم يصدر اي قانون يوجب ايقاف العمل به وطبعاً يحتاج إلى تعديل آخر بسبب تطور الوظائف وكثرتها وكثرة عدد المسؤولين واختلاف عناوينهم، علما ان تعديل 1959 حدد المسؤولين الذين عليهم تقديم كشفٍ بممتلكاتهم من أعلى هرم السلطات والمؤسسات العسكرية والمدنية وصولا إلى عنوان صغير وهو مسؤول شعبة. ولا بدَّ أن أشير إلى ان تقارير الشفافية الدولية تشير إلى ان الفساد آفة موجودة في كل دول العالم ولكن بنسب مختلفة وهناك دول من بينها العراق تكون في المراتب الاولى منها، واشير ايضا انه موجود في العراق ومنذ العهد الملكي الذي صدر القانون في زمنه، وربما كان معطلا جزئيا أو كليا دائما. وسبق لي وان كتبت عما اشار اليه الراحل عبد الرزاق الحسني في يومياته حين كان كاتب أو مقرر البرلمان في ذلك العهد. كتب انه في احدى جلسات مجلس النواب في 1956، كان نوري باشا السعيد حاضرا كرئيس وزراء لمناقشة مشروع الجسر المعلق، وقام النائب عمر نظمي وطالب الباشا بالاستقالة كي يتمكن من التحقيق بشبهة فساد في المشروع وسانده النواب بطلب الاستقالة كي يتمكن من محاسبة وزير في حكومته متورط في الشبهة، وطالبوه بتطبيق قانون (من اين لك هذا) الذي صدر «قبل 14 سنة ولم يطبق».. ان تصريحات المسؤولين والسياسيين تُربك المواطن التعب أساساً وعدم التحقيق فيها يزيده إرباكا.. وخلال الأسبوع الماضي، طالبت اللجنة المالية رئاسة مجلس النواب واستناداً إلى البيان الذي اصدرته بـ»تشكيل لجنة تحقيقية للوقوف على صحة ومصدر هذه التصريحات الخطرة، واتخاذ الوسائل القانونيّة الرادعة بحق كل من يتعمد الإساءة إلى سمعة الدولة العراقية ومؤسساتها
الدستورية». والبيان يقصد عضو اللجنة النائب محمد النوري الذي اشار في حوار تلفزيوني إلى فقدان 35 تريليون دينار عراقي مطبوعة، فيما أشار إلى أن حجم التهريب بلغ 60-70% ولا يمكن السيطرة عليه. ونفت اللجنة في بيانها تصريحات النوري التي وصفتها بأنّها «تفتقد المصداقيَّة والدقة والموضوعيَّة»، وبأنَّها «تنمّ عن عدم إلمامه باجراءات وواجبات اللجنة». وقطعاً أن المواطنين عامة والناخبين خاصة بانتظار إعلان نتائج التحقيق مع النوري لتأكيد أن تصريحاته كانت غير دقيقة، وكذلك سيكون النشر تأكيداً لشفافية العمل في هكذا أمور التي وكما أسلفت تُربك المواطن والسوق ايضا. ولتكن خطوة مجلس النواب هذه بداية خطوات تحقيق مع تصريحات السياسيين الذين يتبادلون تهم الفساد وكأنَّ المواطن لا يسمع أو لا يهتم.