حسين مسلم

ترتكز الأغنية على ثلاث ركائز مهمة، الكلام واللحن والغناء، ونبض الاغنية يعتمد بالاساس على الايقاع وخصوصا الاغنية الشعبية في بداية مشاورها كان الايقاع يشكل الركن الرئيس منها، ومن عازفي الايقاع المميزين في فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي هو الفنان عبد الامير حمود الملقب بــ(مَيّر).

ومَيّر اسم سمعته كثيراً في جلسات الفنان سعدي الحلي المسماة (جلسات الطبلة) وجلسات الفنان محسن الكوفي، وبعد بحث دام قرابة عشر سنوات، تقريباً، تمكنت من الحصول على صورة وجزء من سيرة الراحل عازف الإيقاع مَيّر.

تواصلت مع ابنه الاستاذ محمد عبد الأمير واخذت منه صورة الفنان مَيّر وتحدث لي عن والده، وعن سماته الشخصية تتسم بالطيبة وحب الفن وجهاده للحصول على لقمة العيش من عرق الجبين. كذلك فقد ذكر لي جارهم الاستاذ عماد جبار إن مَيّر شخصية طيبة ومتسامحة وبسيطة ولقد توفي في 

العام 1989. 

وعبد الأمير حمود أبو كسور، من مواليد مدينة الحلة منطقة السنية وتحديداً "عگد الضيگ" كان يسكن مع والدته (فولية) بائعة الباقلاء والدهن والمشهورة باسم (أم مَيّر)، وقد كان يعمل موظفاً في بلدية الحلة وعند انتهاء عمله، يذهب الى دور السينما عاملا في إعلان الأفلام التي ستعرض في السينما بواسطة الربل (عربة يجرها حصان) وبذلك يجوب مناطق الحلة ويذيع أسماء الأفلام مع لوحة تذكر فيها تفاصيل الفيلم، وكان يعمل أيضاً في بيع (حلاوة الدهين) وفي شهر رمضان يعمل (مسحرچي) بواسطة النقارة (آلة إيقاعية) وفي المساء يجلس مع اصدقائه في جلسات السمر ماسكاً الطبلة او الخشبة ليعزف أجمل الضروب الإيقاعية العراقية والعربية.

لازم ميّر الفنان سعدي الحلي طوال عشرين عاماً وهو يعزف معه في كل المحافل، داخل الحلة وخارجها، وكان صديقهم الشاعر محمد علي القصاب هو من يكتب الكلام ويلحنه، وصديقهم عباس مهدي الوادي هو من يسجل حفلاتهم ليبيعها على (تسجيلات ابو عامر) الكائنة في شارع المكتبات.

للفنان (مَيّر) سجل حافل بالإبداع فقد عزف مع الفنانين سعدي الحلي ومحسن الكوفي وجعفوري محمد وزكي شنين وغيرهم، وكان الملا محمد علي القصاب يقول له في بعض التسجيلات مادحاً: (حلو مَيّر)، ويقول له الفنان سعدي الحلي بصيغة الشكوى أثناء الغناء (وك يـ مَيّر). ولقد ذكره الملا القصاب ذات مرة في مقدمة جلسة من جلسات الفنان سعدي الحلي بأبيات شعرية مادحا عزفه.  هذه بعض من سيرة الفنان عبد الأمير (مَيّر)، الذي لازم الفنانين وعزف معهم أصعب الضروب الإيقاعية العراقية.