تراجيديا الخاسرين وملهاتهم

آراء 2023/12/25
...

حمزة مصطفى

المرحوم كارل ماركس مثل أبو المثل «ماخله شي ماكاله», ومما قاله إن التاريخ يمكن أن يعود مرتين لكن «مرة على شكل مأساة ومرة على شكل ملهاة».
فرضية ماركس في التاريخ تتناقض مع فرضية الفيلوسف اليوناني هيراقليطس الذي يقول «إنك لا تعبر النهر مرتين» كون المياه تجري من تحتك (حقه هيراقليطس ماشايف دجلة بالصيف).
بعض الخاسرين في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة فاقوا كل النظريات والتوقعات والمحتويات، بمن فيها الأكثر هبوطا حسب توصيف السوشيال ميديا أو «تفاهة» طبقا لرؤية الآن دونو في «نظام التفاهة».
بدءا لا بد من القول إن الانتخابات سباق مفتوح بين متسابقين يفترض أن كلَّ واحد منهم «مجيك» نفسه من كل النواحي.
فمن غير المعقول أن يشترك في سباق ركض الموانع من لايستطيع الحركة أربعة أمتار دون أن يتكئ على عصا.
أو يشارك في مسابقة لرفع الأثقال وهو لايستطيع رفع كيلو باذنجان.
الطريقة أو الأسلوب أو المحتوى التي عبر من خلالها بعض المتنافسين في هذه الانتخابات، والبالغ عددهم نحو 6 آلاف مرشح أو متسابق تتباين بين ماهو طبيعي ومعمول به في مثل هذه الحالات وبين ماهو غير منطقي ولا عقلاني.
فالتنافس على 285 مقعدا بين 6 آلاف أمر يحتاج خططا وأساليب حتى ربما غير مسبوقة، شريطة أن يكون هناك تكافؤ في ما بينهم ولو بالحد الأدني.
المتنافسون ينقسمون إلى عدة أطراف, طرف واثق من نفسه ومن جمهوره بناء على معطيات عديدة وبناء على ذلك حقق فوزا بعضه بدا ساحقا إن كان على مستوى المقاعد لحزب أو ائتلاف أو على مستوى التصويت الفردي.
وطرف يعتقد أنه قادر على المنافسة وقد يحالفه الحظ أو لا يحالفه, وفي كلتا الحالتين يشعر بالرضا في حال فاز أو خسر، لأن فوزه إن تحقق فهو أمر محمود وخسارته إن وقعت فلن تكون مدوية.
المصيبة دائما هي في الطرف الثالث الذي أراد أن يجرب حظه على طريقة حامل كيلو الباذنجان، الذي يريد التنافس على رفع 100 كيلو حديد, أو طفر موانع وهو يمشي على عكازة وبمساعدة حفيده.
ومأساة هؤلاء وملهاتهم الماركسية تستحق التوقف عندها.
بعضهم أنفق أموالا طائلة, وبعضهم جلب مهاويل وموسيقى وغناء لإيهام الناس بقدرته على تبليط شوارعهم وتصليح خسفاتهم وتسليك مجاريهم في حال فاز بعضوية المجلس.
وبعضهم منح الناس وعودا لايستطيع حتى بايدن أو بوتين تحقيقها لو فازا برئاسة أميركا وروسيا مجددا.
الخلاصة وقعت الواقعة وليس لوقعتها كاذبة.
ظهرت النتائج وإذا ببعضها صادمة.
فهناك من لم تنتخبه حتى مرته, بل منهم لم ينتخب حتى نفسه هو.
ومنهم من لم يحصل سوى عشرات الأصوات أو لنقل بضع مئات مع أنه كان «مسعولا» سابقا وفي المجالس نفسها أو متحدثا لبقا في التلفزيون.
آخر مصائبهم أن قسما منهم لم يبلع الخسارة ويسكت، بل بدأ يظهر في فيديويات شاتما لاطما حانقا حاقدا صارخا لم يوفر صديقا أو عشيرة أو منطقة أو محلة بل منهم من شتم العراق كله لأن البلاد خسرت.. هلفوتا مثله.