عضّوا على الديموقراطيَّة بالنواجذ

آراء 2023/12/25
...

محمد علي

علينا أن ندرك الحقيقة القائمة في عالم الأحزاب العراقية وهي تتلخص في أن “جميع الأحزاب العراقية لا تعترف بالديموقراطية، بما هي تداول سلمي للسلطة؛ يتم من خلال الانتخاب وفق آليات يقرّها
القانون”.
إن إدراكنا لهذه الحقيقة، قد يؤهل من لا يزالون مستقلين في عالم العمل السياسي في الساحة العراقية؛ لتأسيس أحزاب سياسية مؤمنة قولاً وفعلاً في المبادئ والقيم الديموقراطية، أما عدم إدراك هذه الحقيقة، وعدم التأكيد عليها ونقدها وتبيين سلبياتها أمام الرأي العام والأجيال الصاعدة، فهو تقصير بالواجب وجهل سياسي، وقد يصل إلى الخيانة الأخلاقية قبل الخيانة الوطنية.
إنه لولا فرض النظام الديموقراطي على العراق من قبل الولايات المتحدة بعد العام 2003 بالقوة، ولولا توافق الإرادة الأميركية ومصلحة قادة وزعماء الأحزاب والأديان والطوائف والأعراق والعشائر على إجراء الانتخابات في العراق، لما جرت انتخابات في العراق أصلاً، ولاستبد حزب سياسي واحد بالسلطة.
وأعتقد أنه من الواضح للقارئ في المعادلة في أعلاه، أن الكفة ترجّح للإرادة الأميركية في استمرار الانتخابات الديموقراطية في العراق، أما تأثير مصلحة زعماء وقادة الأحزاب السياسية العراقية في إجراء الانتخابات الديموقراطية من عدمه؛ فهو مجرد تحصيل حاصل، سواء أيد هؤلاء الأخيرون الانتخابات الديموقراطية أم
عارضوها.
وهنا تكمن خطورة المستقبل السياسي في العراق، فالنظام السياسي الديموقراطي في العراق مرهون بالمصالح الأميركية فيه من جهة، ومن جهة أخرى هو منبوذ من قبل الزعامات السياسية- الدينية- العشائرية.
 فإن تغيرت المصالح الأميركية أو تغيرت وجهة النظر الأميركية في الشأن العراقي، فمن الممكن جداً أن تكون الضحية الأولى لهذا التغير هي “الديموقراطية”، وبالتالي ستسلم قيادة البلد إلى شخص واحد وحزب واحد أو جماعة واحدة وسندخل من جديد في عالم الاستبداد السياسي.
علينا كعراقيين أن نعتني بغروس الديموقراطية في بلادنا، ولنضحي بالغالي والنفيس من أجل غرسها في وعي ولا وعي أفراد مجتمعنا العراقي.
وما تقدم، لا يعني أن الديموقراطية بنسختها العراقية القائمة، تمثل الطموح المرجو، لكنها على علّاتها وتشوهاتها تبقى أفضل من الاستبداد.
ولقد رأينا ما فعله ويفعله شبح الانتخابات الديموقراطية في كل دورة انتخابية بالأحزاب السياسية من هلع ونوبات هستيرية من تملق المواطن العراقي ومناغاته لأجل أن يمنح صوته الانتخابي لهذا الحزب أو ذاك.