الأغلبيَّة الحائرة في انتخابات المجالس

آراء 2024/01/02
...

سعد العبيدي

انتهت مرحلة الانتخابات الخاصة بمجالس المحافظات، التي أعدت جيداً من الناحية الفنية، وأعلنت النتائج النهائية، ومع إعلانها صحا القوم، أو بعضهم من غفوة المقاطعة والتردد والوقوف على تل الفرجة، وجدوا الحال على حاله، أحزاب وتكتلات غالبها سياسية دينية، تسيطر على الموقف، سيطرة لم تأت من عدد الأصوات التي منحت لها جماهيرياً، وإنما من صيغ التجميع ولملمة النتائج الذكية، وضعها في ائتلاف يفوق التمثيل في مجالسه باقي الأحزاب والشخصيات التي أرادت الخروج عن النص الديني السياسي المسيطر منذ سنين، أبقي الحال على حاله سيطرة لتلك الأحزاب، وقدرة على تشكيل غالب مجالس البرلمان بالصيغة ذاتها التي شكلت مجلس النواب في دوراته السابقة.
ومثل كل مرة تعلن فيها النتائج، تظهر بعد إعلانها سيول من عدم الرضا، والانتقادات الحادة في بعض الأحيان، توجه صوب الفائزين من الأحزاب والأشخاص، لا يكلف المنتقدون فيها وغير الراضين أنفسهم للتفتيش عن الأسباب التي حكمت في صياغة النتائج بهذا الشكل، ولا يلومونها كونهم طرفاً في صياغتها، إذ إن بقائهم في وضع الحيرة، والتنحي جانباً عن المشاركة، وتحمل المسؤولية الوطنية للتغيير إلى الأحسن، سلوك كان له الأثر الكبير في إبقاء النتائج كما هي تفوق للأحزاب المؤدلجة، التي دفعت جمهورها شبه المنظم للانتخاب والتفرد بالساحة، فكانت أصواتهم وعلى الرغم من قلتها قد حسمت الموقف فوزاً يحتم سيطرتها على المجالس، واختيار رؤسائها والمحافظين.
إن الشعوب الحية، التي تفتش عن التغيير، والبناء الصحيح للديمقراطية عليها القبول بالنتائج أي كان أصحابها، وعلى الحيارى في مجتمعنا القبول أيضاً، والسعي إلى التفكير في كيفية التعامل مع هذه المجالس الجديدة، وتشديد الرقابة الجماهيرية على مخرجات سلوكها، بطرق تحد من توجهات الأحزاب الفائزة في تسخيرها دكاكين لتمويل استمرارها في الحكم لعشرات مقبلة من السنين، والتفكير في السبل التي تحول دون استمرارها ديكتاتورية ائتلافات حزبية ذات أبعاد طائفية، لا تنفع في بناء الديمقراطية سبيلاً وحيداً لإعادة العراق إلى حاله الطبيعي وطناً لجميع أهل البلاد.