رجاءً ابتعدوا عن الضربِ تحت الحزام

الصفحة الاخيرة 2024/01/03
...

زيد الحلي 



ماذا بعد انتخابات مجالس المحافظات؟ هذا السؤال والتساؤل بات الشغل الشاغل للمواطنين في جلساتهم، ومحال أعمالهم، وغابت كلمات المجاملة وابتسامات عشاق الحياة في أروقة الجامعات وحدائقها، وفي محال التسوق وفي أزقة المحلات السكنيَّة، وحلَّ محلها عبارة (ما أخبار المحافظات بعد تشكيل مجالسها)؟

لا أظنّ أنَّ في ذلك مبالغة في الوصف، هي الحقيقة بعينها، فالأيام التي سبقت يوم الانتخابات كانت حافلة بالوعود والعهود، مثلما كانت حلبة صراعٍ حادٍ ومؤلمٍ بين المرشحين، حيث وصل هذا الصراع الى الضرب تحت الحزام.

لقد انتقلت حالة "المنافسة" التي شهدناها الى رموز الطيف الواحد، والبيئة الواحدة، وتطورت الى "صراعٍ" مخيفٍ كاد يودي الى تشظٍ خطيرٍ، وينذر بخيبة أمل مجتمعيَّة، فحين أنظر الى ما كان يبثه الإعلام، أجدُ أنَّ القناة الفلانيَّة تسعى الى استضافة شخوصٍ يبشرون بما ترغب به سياسة القناة، والثانية تستضيف آخرين يهلهلون لسياستها، وأشاهد صور المرشحين التي تحملُ عباراتٍ تصلُ الى حد السذاجة، كنت أشعر بالقلق، فنحن إزاء أجواءٍ من عدم الثقة بين ممثلي الطيف الواحد، والمذهب الواحد، فكيف الحال إذا جمعتهم طاولات موحدة لاجتماعاتهم؟ وهنا لا أستثني أحداً، فالكل يريد اختزال الوطن في رؤيته، فأين روح المشاركة العامَّة؟ ولذلك بدأت الأنظار تتجه الى حصاد تلك الانتخابات، وبدأت الأسئلة عن الخارطة المنتظرة التي شبعنا من الوعود الخضراء التي ضمتها.. تزداد!. أنا، لا أبخس حقَّ من يرى في ذاته أنَّه أكثر تمثيلاً، وأعمق رؤية في بناء الوطن، لكنّي أقول إنَّ هذا الشعور يجب ألا يدفعنا الى أنْ نبخسَ حقَّ الآخرين في معرفة رؤاهم، فهم يمثلون 60 بالمئة من الشعب الذين لم يتوجهوا الى صناديق الانتخابات، إنَّهم شركاءٌ في محبَّة العراق. والتنافس بين الأنداد ينبغي أنْ يسلكَ طريقَ الحبِّ والاحترام، وليس الحقد والامتهان.

آمل أنْ يعي من يتصدى للعمليَّة السياسيَّة بمرحلتها المقبلة، المتمثلة بنتائج انتخابات مجالس المحافظات، ضرورة التمسك بضبط المشاعر، وتنقية القلب، وإخلاص القصد لئلَّا ينتقلُ هذا التنافس من زاوية "الضرب من تحت الحزام" الى فوقه!