القاهرة: أسراء خليفة
تناول عدد من الأدباء والنقاد في مصر الراحل عميد الأدب العربي طه حسين ذكرى وفاته الخمسين في مقر المجلس الأعلى للثقافة المصريَّة في دار الأوبرا.
وقال الناقد شعبان يوسف الذي أدار الأمسية إن «طه حسين ملأ الدنيا وشغل الناس منذ بزوغ نجمه مع بدايات القرن العشرين، وهو صاحب توجه فكري طليعي مستنير، ومسيرته فكرية رغم التنوع الحزبي الذي كان سائدًا في مصر آنذاك، إلى أن أقيل من عمادة كلية الآداب جامعة القاهرة، ونقل إلى وزارة المعارف، فغير توجهه وبدأ يناصر حزب الوفد».
من جانبه، أعد الناقد والكاتب شريف الجيار ورقة بحثية بعنوان «سلطة الموروث وثقافة المقموع.. دراسة نقدية في دعاء الكروان»، وقال عبرها، إن: طه حسين طرح قضية أساسية وهي تحرير المرأة من السلطة الذكورية، من خلال تحليل «دعاء الكروان» التي يرى أنها تناقش فكرة الجهل والعلم، حيث كان يرى أن المرأة هي الأداة الأساسية لنشر العلم والتنوير، وأن «دعاء الكروان» كانت الصوت المعبّر عن سلطة المجتمع الذكورية.
كما وقدم طه حسين فيها ثلاثة أشكال من المرأة، وهي المرأة التقليدية متمثلة في الأم، والمرأة التي حاولت أن تتحرر، ولكن على استحياء فوقعت في فخ الخطيئة (هنادي)، وأما آمنة فهي المرأة التي تمثل صوت شهرزاد في بنية النص عند طه حسين؛ هذه الـ «شهرزاد» التي هزمت شهريار وهيمنت عليه بالحكي؛ من خلال الثقافة والمعرفة والتاريخ، وفقا لتعبيره.
من جهته، قال الدكتور أحمد درويش، إن «طه حسين، صاحب التجربة المشرفة على المستوى الإنساني والمعرفي، منذ تغلب على الصعوبات التي قابلها خلال رحلة حياته منذ أن كان مجرد طفل ضرير، وهو نموذج للمعرفة التي تتطور من خلال الآفاق الواسعة التي تفتحها أمام ملايين الدارسين، فهو صاحب العطاءات الكثيرة في العلوم البيئية، انطلاقًا من العلوم الأدبية والفكرية والمنهجية، وعلى مستوى اللغات التي ترجم منها وإليها».كما قدم الكاتب رضا عطية ورقة بحثية بعنوان «طه حسين مشروع سردي ثري» قال فيها إن: تجربة طه حسين بقدر ما شكلت مشروعًا ثقافيًّا كانت مشروعًا حياتيًّا حقيقيًّا، وبالإضافة إلى الجانب التاريخي، فإننا نلحظ تلك القدرة على التحليل النفسي في كتابه «في الشعر الجاهلي». وأضاف أن: نصوص عميد الأدب العربي مثلت فتحًا إبداعيًّا قديمًا جديدًا في آن واحد، فبقدر ما ينهل من التراث فقد قدم تجربة حداثية مغايرة الأسلوب، وتنوعت موضوعاته وشخصياته وأحداثه، وكذلك آلياته السردية، مشيرًا إلى أن «دعاء الكروان» تمثل نقلة نوعية مهمة في مسيرة الرواية العربية الحديثة.
أما الدكتور محمود الضبع، فقال إن «استاذ النقد الأدبي بجامعة قناة السويس طه حسين يستحق الاهتمام، فهو ناقش قضايا وإشكاليات تربوية وأدبية، وفتح أبوابًا وطرح عددًا من القضايا، دون أن يطرح لها حلولًا- تجعلنا نتحرى خطاه ونبحث نحن عن الحلول»، موضحا أن «تجربة طه حسين في منهج الشك ودوافعه ونتائجه».
وتناولت استاذة اللغة بجامعة حلوان الدكتورة فاطمة الصعيدي أسلوب طه حسين الأدبي، الذي كان منمقًا ومليئًا بالدلالات، فقد استخدم في الفصل الخاص بقوت القلوب الدمرداشية ضمير المتكلم لإبراز رؤيته الخاصة، في حين كان يستخدم (نا) الفاعلين حين كان يتحدث عن القضايا العامة.
من جهته اشاد استاذ اللغة بجامعة الإسكندرية الدكتور محمود نحلة بتميز مسيرة طه حسين العلمية والفكرية، بإسهامه في تيسير النحو العربي على الناشئين، مؤكدًا أن «اللغة تُتعلَّم بالمران وكثرة الاستخدام، وليس من خلال القواعد النظرية الجامدة، لكي يرغّب الشباب في استخدام اللغة العربية الفصحى، وقال إن طه حسين قدّم عددًا من الاقتراحات المهمة للحفاظ على اللغة العربية، وعلى رأسها ألا يتعلم الطلاب في المرحلة الأولى من التعليم سوى اللغة الوطنية، ويبدأ تعلمه اللغات الأخرى في المرحلة الثانوية».