إسرائيل تشرع أبواب الحرب الشاملة مع لبنان

قضايا عربية ودولية 2024/01/04
...

 بيروت: جبار عودة الخطاط
 القدس المحتلة / صنعاء: وكالات

يتواصل العدوان الصهيوني على قطاع غزة المحاصر، لليوم الـ 89 على التوالي، بتكثيف القصف الجوي على مخيم النصيرات وسط القطاع وخان يونس جنوبه، مع إلقاء جيش الاحتلال منشورات تدعو سكان 7 أحياء بمخيم النصيرات لإخلاء منازلهم. ويأتي استمرار القصف بالتوازي مع معارك عنيفة بين المقاومة وقوات الاحتلال بمختلف محاور القطاع.

ثلاثة صواريخ من طائرة مسيرّة صهيونية استهدفت الطابقين الثاني والثالث في عمارة في منطقة الأشرفية بالضاحية الجنوبية لبيروت جعلت أبواب الجبهة اللبنانية مع فلسطين المحتلة مشرعة أمام سيناريوهات الحرب الشاملة، عملية اغتيال القيادي البارز في “حماس” صالح العاروري واثنين من رفاقه ليل أمس الأول الثلاثاء ستكون لها تداعيات خطيرة و”حزب الله” أكد أنها “لن تمر أبدًا دون رد أو عقاب”.
واستحوذت تطورات الحرب في قطاع غزة على اهتمامات صحف عالمية، وركز أغلبها على اغتيال العاروري، وكتبت صحيفة “بوليتيكو” أن استهداف القيادي الفلسطيني “يمثل تصعيداً خطيراً في الصراع القائم في الشرق الأوسط”.
ورأى الوزير البريطاني السابق بيتر هاين، في مقال له نشرته صحيفة “الغارديان”، أن إسرائيل “لن تتمكن من تدمير (حماس) حتى لو دمرت غزة بأكملها”، داعياً إلى ضرورة إشراك “حماس” في حكم قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، وجاء في مقال هاين، أن الغرب متواطئ في ما سماه الفشل الذريع في غزة، وحذر من أن الفجوة بين العواصم الغربية والجنوب العالمي تتسع، وأن ثمن ذلك سيكون باهظاً.
وسلط تقرير في “فايننشال تايمز” الضوء على حجم الدمار في قطاع غزة، متسائلاً عن الواقع الذي سيتعين على سكان القطاع التعامل معه في اليوم التالي للحرب، ليعلق بالقول: إنَّ “سكان غزة تعودوا على الخروج من بين الأنقاض إلى الحياة من جديد”.
وكانت حركة “حماس” أعلنت مساء أمس الأول الثلاثاء أن العاروري اغتيل في هجوم بطائرة مسيّرة إسرائيلية استهدف مبنى يضم مكتباً للحركة في بيروت، وقالت: إنَّ اثنين من قادة جناحها العسكري كتائب عز الدين القسام استشهدا أيضاً في الهجوم.

منحى خطير
وتدحرجت الأمور بسرعة لتأخذ منحى دراماتيكيًا خطيراً وأصبحت الأنظار شاخصة للكلمة الفصل لأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، بينما هاتف رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي وزير خارجيته طالبًا تحريك رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشأن العدوان الصهيوني، الأمر الذي ينذر بخطورة توسيع نطاق الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» لتطال بشرارتها المشتعلة جبهة لبنان وربما جبهات أخرى.
قوات «اليونيفيل» تحركت بسرعة للإعراب عن قلقها مما سيترتب على عملية اغتيال العاروري في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، فقد أكدت نائبة مدير المكتب الإعلامي لـ«اليونيفيل» كانديس ارديل في تصريح لها أمس الأربعاء، بأننا «نشعر بقلق عميق إزاء أي احتمال للتصعيد قد تكون له عواقب مدمرة على الناس على جانبي الخط الأزرق. نواصل مناشدة جميع الأطراف وقف إطلاق النار، وكذلك نناشد أي محاورين يتمتعون بالنفوذ أن يحثّوا على ضبط النفس»، بينما أعلن الجيش الإسرائيلي تعزيز منظومة القبة الحديدية ورفع حالة التأهب على طول الحدود مع لبنان والجليل
بعد عملية الاغتيال.
في الأثناء، أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، نقلاً عن مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى، بأنَّ عملية اغتيال العاروري ستكون ضمن سلسلة هجمات سرية تنفذها إسرائيل ضد قيادات حركة «حماس».

رد حزب الله
إلى ذلك، نعى «حزب الله»، في بيان له «نائب رئيس المكتب ‏السياسي لحركة حماس الشيخ صالح العاروري مع عدد من رفاقه المجاهدين شهداءً على طريق القدس»، ولفت إلى أنّ «العدو المجرم الذي عجز بعد تسعين يومًا من الإجرام والقتل والدمار عن إخضاع غزة وخان يونس ‏ومخيم جباليا وسائر المدن والمخيمات والقرى الأبية، يعمد إلى سياسة الاغتيال والتصفيات الجسدية لكل ‏من عمل أو خطّط أو نفّذ أو ساند عملية طوفان الأقصى البطولية»، ‏وأردف البيان «إنّنا في حزب الله ‏نُؤكّد أنّ هذه الجريمة لن تمرّ أبدًا من دون رد وعقاب، وانّ مقاومتنا على ‏عهدها ثابتةٌ أبيّةٌ وفيّةٌ لمبادئها والتزاماتها التي قطعتها على نفسها، يدها على الزناد، ومقاوموها في أعلى ‏درجات
الجهوزية والاستعداد».
ميدانيًا، واصل حزب الله عملياته النوعية ضد مواقع الجيش الصهيوني فقد أعلن الحزب في بيان له أمس الأربعاء ، بانه دعماً لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وإسنادًا لمقاومته الباسلة ‌‌‌‏والشريفة، وبعد سحب العدو الإسرائيلي لقتلاه وجرحاه الذين تمّ استهدافهم سابقًا في محيط موقع المرج استهدف ‏‏‏مجاهدو المقاومة الإسلامية مجموعة جديدة من جنود العدو قدِمت لتُعاين المكان بالأسلحة الموجّهة وأوقعوا أفرادها بين قتيل وجريح.

تصريح فرنسي
في الغضون، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إسرائيل إلى «تجنّب أيّ سلوك تصعيدي وبخاصة في لبنان»، وذلك إثر اغتيال صالح العاروري.
وكشف قصر الإليزيه إثر مكالمة هاتفية أجراها ماكرون مع الوزير الإسرائيلي بيني غانتس، عضو مجلس الحرب الوزاري، عن أنّ الرئيس الفرنسي شدّد على أنّه “ينبغي تجنّب أيّ سلوك تصعيدي، بخاصة في لبنان، وأنّ فرنسا ستستمرّ في إيصال هذه الرسائل إلى كلّ الجهات الفاعلة المعنيّة بشكل مباشر أو غير مباشر في المنطقة”.
من جهته، شدد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، على أنّ “اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، عمل إرهابي يثبت أنّ إسرائيل لم تحقق أهدافها في غزة رغم دعم أميركا”، ورأى عبر حسابه الخاص في منصة “إكس”، أنّ عمليات الاغتيال التي تنفذها “إسرائيل” في دول أخرى تشكل “تهديداً حقيقياً للسلام والأمن”.
بدوره، قال وزير الدفاع الإيراني محمد رضا اشتياني، على هامش اجتماع الحكومة الأسبوعي في معرض الرد على اغتيال الشيخ العاروري: “العداء الأميركي لا ينتهي ومستمر، لكنه سيؤدي إلى تضرر الولايات المتحدة الأميركية”، مشيراً إلى أنّ “واشنطن زعزعت المعادلات الإقليمية، وأنّ عواقب هذا الأمر ستعود عليهم”.
في السياق، أكد مسؤول إسرائيلي رفيع، أن “إسرائيل تستعد لرد كبير للغاية على مقتل العاروري، والذي قد يشمل إطلاق حزب الله صواريخ طويلة المدى على أهداف في إسرائيل”، وذلك بحسب موقع “اكسيوس”.

شكوى لبنانية
إلى ذلك، باشرت وزارة الخارجية اللبنانية ، بناءً على توجيهات رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، تحضير شكوى لإدانة الاعتداء الإسرائيلي الذي طال منطقة الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت، وقد أوعز وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب الى كل من مندوب لبنان لدى الأمم المتحدة في نيويورك هادي هاشم وإلى القائم بأعمال سفارة لبنان في واشنطن وائل هاشم إجراء الاتصالات اللازمة، وتقديم احتجاجين شديدي اللهجة حول العدوان الاسرائيلي الخطير ومحاولة استدراج لبنان والمنطقة الى تصعيد شامل استكمالاً لمسلسل الاعتداءات الاسرائيلية اليومية المتصاعدة على جنوب لبنان مما يزيد المآسي والويلات ويهدد
السلم والأمن الإقليميين.

العدوان على غزة
في غضون ذلك، شنّت طائرات الاحتلال الإسرائيلي غاراتٍ عنيفة مستهدفةً أرجاء واسعة من المنطقة الوسطى لقطاع غزّة، ما أدى إلى ارتقاء أكثر من 170 شهيداً، إضافةً إلى إصابة أكثر من 200 معظمهم من الأطفال والنساء.
بدورها، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزّة، ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى 22185 شهيداً و57035 إصابة منذ 7 تشرين الأول الماضي.
من جهتها، أكّدت كتائب الشهيد عز الدين القسّام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، أنّ مقاوميها تمكّنوا من الاشتباك مع قوة راجلة للاحتلال مكوّنة من 5 جنود من “نقطة صفر” بالأسلحة الرشاشة والقنابل اليدوية شرقي مخيم البريج وسط قطاع غزة، وأفادت بأنّ المقاومين تمكّنوا من الإجهاز على الجنود وعادوا إلى قواعدهم بسلام.

هجمات حوثية
في سياق متصل بأوضاع المنطقة، أعلن الجيش الأميركي أن جماعة «أنصار الله» اليمنية (الحوثيين) أطلقوا ليل أمس الأول الثلاثاء صاروخين باليستيين باتجاه سفن شحن كانت تبحر في البحر الأحمر، في حين اعتبر البيت الأبيض جماعة الحوثي «متمردة»، وأن واشنطن مستعدة للدفاع عن نفسها ضد هجماتها بالبحر الأحمر.
وأشار الجيش الأميركي إلى أنَّ صاروخين أطلقتهما الجماعة سقطا في الماء من دون أن يسفرا عن إصابات أو أضرار، كما أعلنت القيادة العسكرية الأميركية الوسطى (سنتكوم) أن الحوثيين أطلقوا صاروخين باليستيين مضادين للسفن على منطقة تقع في جنوب البحر الأحمر كانت تبحر فيها العديد من السفن التجارية.
ويعد هذا الهجوم الـ24 الذي يستهدف سفناً تجارية في البحر الأحمر منذ منتصف تشرين الثاني الماضي، أتى ذلك بعد إعلان وكالة الأمن البحري البريطانية عن وقوع انفجارات قرب سفينة شحن في جنوب البحر الأحمر بين ساحلي اليمن وإريتريا في مضيق باب المندب.
من جانبها، وصفت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير الحوثيين بـ”المنظمة المتمردة”، قائلة: إنَّ الولايات المتحدة تأخذ ما تقوم به هذه الجماعة على محمل الجد.
وفي الأسابيع الأخيرة، شنّ الحوثيون هجمات بمسيّرات وصواريخ على سفن إسرائيلية أو متجهة لإسرائيل أثناء إبحارها قبالة سواحل اليمن، وذلك في إطار الرد على العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة المحاصر، وقالوا: إن الهجمات لن تتوقف إلا بتوقف الحرب.

بلير وساندرز ومادورو
من جانب آخر، أثار حديث وسائل إعلام إسرائيلية عن تعيين رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير مسؤولاً عن ملف تهجير الفلسطينيين من غزة؛ غضباً واستنكاراً واسعين على المستويين الشعبي والرسمي.
وقالت الخارجية الفلسطينية في بيان: إنها تتابع باهتمام كبير ما ينشره الإعلام الإسرائيلي عن تولي بلير رئاسة فريق من أجل ما تسميه الحكومة الإسرائيلية «الإخلاء الطوعي» لسكان غزة، وإجراء مشاورات مع بعض الدول لاستقبالهم كلاجئين، مؤكدة أنها جريمة إسرائيلية واستمرار للتهجير منذ النكبة.
من جانبه، أكد السفير الفلسطيني في بريطانيا حسام زملط أن أي شخص يشارك في الأعمال الإجرامية الإسرائيلية، لتهجير الفلسطينيين، سيتحمل العواقب القانونية.
كما أعاد كثيرون في مواقع التواصل الحديث عن جرائم بلير بالمنطقة العربية، لا سيما دوره في حرب العراق وتلطخ يديه بدماء العراقيين، دون أن يُحاسب حتى الآن، فقال النائب بالبرلمان الأوروبي مايك والاس، إن بلير “مجرم حرب” مضيفاً أن شخصاً بتاريخه يناسب الحكومة الإسرائيلية التي تعمل على الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، قال: إن الشعب الفلسطيني يتعرض إلى “إبادة جماعية” منذ أكثر من 75 عاماً، ووصف الوضع بأنه “هولوكوست” ويشبه المحرقة التي تعرض لها الشعب اليهودي خلال فترة حكم أدولف هتلر والنازيين.
وفي تصريحات لصحيفة “لا جورنادا” المكسيكية، انتقد مادورو المجتمع الدولي والدول الأوروبية بسبب صمتهما تجاه الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ 3 أشهر وقتل الفلسطينيين وتعرضهم للقصف.
وأضاف، أنه لا يوجد شك بأن الأحداث في فلسطين تمثل إبادة جماعية، وطالب بضرورة تحرك المحاكم الدولية لإيقاف ما يتعرض له الفلسطينيون، مشيراً إلى وحشية ما تعرض له الشعب الفلسطيني أمام أعين وآذان العالم، وذكر أيضاً أنه بسبب الأحداث الأخيرة في فلسطين، لم يتم الاحتفال بأعياد الميلاد في مسقط رأس النبي عيسى “عليه السلام” في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية المحتلة.
وفي موقف لافت، دعا السيناتور الأميركي بيرني ساندرز، الكونغرس مرة أخرى، إلى منع المساعدات العسكرية المقترحة لإسرائيل بمليارات الدولارات.
وكتب ساندرز على منصة “إكس”: “اسمحوا لي أن أكون واضحا: لا مزيد من التمويل الأميركي لحرب نتنياهو غير القانونية وغير الأخلاقية والوحشية وغير المتناسبة بشكل صارخ ضد الشعب الفلسطيني”.
وتابع السيناتور اليهودي من ولاية فيرمونت: “على الكونغرس أن يرفض أي جهد لتمرير مساعدات عسكرية غير مشروطة بقيمة 10 مليارات دولار لحكومة نتنياهو اليمينية”.

استقالة رئيسة هارفارد
إلى ذلك، أعلنت رئيسة جامعة «هارفارد» الأميركية، كلودين غاي، ليل أمس الأول الثلاثاء، التنحي عن منصبها عقب تعرضها لضغوط وانتقادات لاعتبارها المظاهرات ضد إسرائيل داخل الحرم الجامعي ضمن نطاق «حرية التعبير». وقالت غاي في بيان إنها قدمت استقالتها حتى لا يتسبب الجدل حول شخصها «بإلحاق ضرر في الجامعة»، وأشارت إلى أنها اتخذت قرارها كي تتمكن الجامعة من مواصلة أهدافها بعيداً عن السجالات الأخيرة.
وأضافت: “أصبح من الواضح أنه من مصلحة جامعة هارفارد أن أستقيل، حتى تتمكن الجامعة من تجاوز هذه المرحلة الصعبة للغاية عبر التركيز على المؤسسة بدلاً من الفرد”، وأكدت غاي أنه لا مكان لجرائم الكراهية في الحرم الجامعي.
وكانت وسائل إعلام أميركية قد ذكرت أن غاي تعرضت لردود فعل قوية، خاصة من الأوساط المؤيدة لتل أبيب، بعد تقييمها للاحتجاجات ضد إسرائيل في الجامعة ضمن نطاق “حرية التعبير”.
يشار إلى أن لجنة التعليم والقوى العاملة بالكونغرس استدعت، في 5 كانون الأول الماضي، كلاً من غاي، ورئيسة جامعة بنسلفانيا، إليزابيث ماغيل، ورئيسة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا “إم آي تي» (MIT) سالي كورنبلوث، إلى جلسة “محاسبة رؤساء الجامعات ومكافحة معاداة السامية”.
وتعرضت غاي وماغيل وكورنبلوث لضغوط وانتقادات من أجل تقديم الاستقالة لأنهن رفضن اعتبار الاحتجاجات ضد إسرائيل معادية للسامية.