اليهود.. والقبعات الحمر

آراء 2024/01/07
...

 رحيم عزيز رجب 


إن حصر اليهود في مجمعات الكينو، وغلق الأبواب الرئيسية عليهم ليلا طوال مئات السنين لسبب أو لآخر، جعلهم ينفذون هذا النوع من الحصار على فلسطين وعلى(غزة) بالأخص، وعلى البلدان العربية.

وتأتي مسرحية (تاجر البندقية)، والتي كتبها أسطورة بريطانيا السير وليم شكسبير، والذي أبحر بتاريخ مدينة فينيسيا وتأثيرها وعيش اليهود مع المسيحيين، وهي المسرحية المثيرة للجدل بشأن اليهود في المدينة وأوروبا عموما، والوقائع التي ترويها جرت في نهاية القرن السادس عشر، حين كان اليهود يعيشون في “ الغيتو “، وهي أحياء منعزلة في المدينة، وتقفل الأبواب عليهم ليلا، ولا يسمح لهم بالخروج إلا في الصباح، ويجبرون على وضع (قبعات حمر) على رؤوسهم لتميزهم عن المسيحيين أهل المدينة.

وهنا لست بصدد دراسة نقدية لما تناولته المسرحية، ولكن هناك جزءا منه سيأخذ الوضع السياسي، ليبين تفاعلات المدن بأهلها سياسيا، ونتائج هذه التفاعلات العامة وسلوك الناس بعضهم مع البعض الآخر، حيث نرى اليهود أنهم يتعاونون في ما بينهم بعدم أخذ الربا من بعضهم البعض لتوصيه (توراتيَّة) حيث جاء في سفر (التثنية) لا تقرض من أخيك بربا، ربا فضة، أو ربا طعام، أو ربا شيء مما يقرض بربا للأجنبي تقرض بربا، ولكن لاخيك لا تقرض بربا.

اقرض اخاك بلا ربا أو اقرض غيره بالربا. 

فأصبحت ميزة للمسيحيين بالضغط عليهم وإيذائهم وعندما لا يجد اليهودي العمل في أي أرض يحيا بها فإنه لا يجد سوى الربا المقيت للعيش وهم من الذكاء بحيث يديرون الأموال أفضل إدارة للحد، الذي جعل الأوربيين ينعتونهم بمصاصي الدماء، والعناكب، وشتى النعوت، عندما نذكر أن هتلر قد اتهم اليهود بالقتل، ومص دماء الشعوب لم يكن ذلك محظ صدفة، فالهاجس الوحيد لليهود هو السيطرة على كل ثروات في العالم، ربما لقلة عددهم كدافع للبقاء الأبدي لذلك يفكرون اليوم بالمليار الذهبي والقضاء على شعوب العالم في الصين والهند وكل البلدان السكانية الكثيفة، حيث يرون أن عقولهم المالية المدبرة هي الأولى وأن تكون لها القيادة والريادة ولو بفناء العالم دونهم، يؤكد لابيد رئيس وزراء قبل أيام ذكر ذلك العالم وإيمانهم بأن الثروات الموجودة على أرض المعمورة، لم تعد كافية لمعيشة الناس عليها وأن الأرض ستضيق ذرعا بناسها مع البحار، التي ستتبخر جرّاء زيادة السكان على الأرض، وقد نسوا تدبيرات الله وأنه هو الرزاق ذو القوة المتين.

كما يؤكد التاريخ لجوء المسيحيين للتخلص والحذر من اليهود، حتى الوصول إلى تأسيس دولة في فلسطين لهم للتخلص منهم، وهم لا يزالون يسيطرون على الاموال في العالم، ابتداءً من (صندوق النقد الدولي) والتدابير المالية وإغراق الدول الغنية بالديون وجعلها ضعيفة وفقيرة.

لم تذهب أفكار اليهودية بعيدا عن السير شكسبير في مسرحيته.

تاجر البندقية أن التسلح بالمال في السيطرة على الشعوب، لتبقى رمزا للتسلط ومص دماء الفقراء والتصرف بممتلكاتهم فكرة مهيمنة بشخصية المرابي (شايلوك) بكل تبريراته التاريخية وبتفسيره السئ للتوراة والانجيل.

والتطبيع الذي تتبعه اليوم الكثير من الأنظمة العربية تباعا، والتي تجعل هذه الأنظمة أسيرة لسلوكهم السياسي المعزز بالمال والقروض الدولية.

هذه المقدمة توضح الكثير مما كتبه شكسبير من عناصر المسرحية، والتي أثارت الجدل لاحقا وصدرت ضدها مقالات نقدية وسلبية ضد الكاتب متهمة أياه بكراهيته لليهود ومعاداته للسامية وأخذت بعدها النظري التاريخي في القرن التاسع عشر، وقبل ذلك كان اليهود في أوروبا يعاملون كأقلية معزولة ومكروهة من المجتمع، وسبب الحقد فقد تفاوتت عناصره بين الاختلاف في الثقافة الدينية وتحريض الكاثوليكية ضدهم بصفتهم قتلة المسيح المخلص وبين اختلاف الدور الاجتماعي الموقع الاقتصادي، الذي يلعبه اليهود في أوروبا انذاك والتي تمثل في شخصية اليهودي (المرابي)، وهي المعادلة السلبية التي غذتها الكنيسة وكل المتضررين من دور اليهود في الحياة العامة للناس.