سوسن الجزراوي
بعيداً عن كل ما يقال عن موضوع الدراسات العليا، وما اذا كانت مجرد ظاهرة أو كما يلقبها البعض: هوس وتقليد، فهي في النتيجة النهائية، حالة صحية ومميزة، كونها تفسح المجال امام من يسعى لدخول عالمها، لزيادة معرفته وتطوير خبراته النظرية على أقل تقدير.
وفي مرور سريع لماهية الدراسات هذه، فهي أساس تقدم العمل في كل المجالات، سواء العلمي منها أو الانساني، بوصفها دراسة متخصصة تتعمق في موضوعة معينة عبر الدخول في تفاصيلها ودقائقها بالشكل الذي يغنيها ويقدمها للمجتمع بشكل اكثر فائدة، خصوصا اذا كان الباحث طالب علم حقيقيا.
وبما إن التطور العلمي قد اخذ في التوسع خلال السنوات الاخيرة، صار من الضروري الاهتمام بطالبي الدراسات العليا، من خلال توفير مساحات دراسية اكثر سوءا عن طريق الجامعات الحكومية أو عن طريق الأهلية منها وهي موضوع مقالنا هذا.
فعلى الرغم من كل ما يسجل من ملاحظات على توسيع نطاق الدراسات الاهلية (الاولية) وكثرة هذا النوع من الجامعات، تبقى النتيجة أفضل بكثير ما اذا تمت مقارنتها بالبقاء دون الحصول على فرصة للدراسة الحكومية، خاصة أن نسبة الأمية صارت تشكل كارثة حقيقية وبحسب بعض المراكز البحثية فانها تصل إلى 13 مليون شخص لايقرأ ولايكتب، ناهيكم عن المستوى المعرفي والثقافي المتدني حتى عند بعض من يقرأ ويكتب وأقصد المعرفة والثقافة العامة.
لذلك وبالعودة إلى موضوعنا، فإننا أمام مسؤولية مهمة وضرورية، والتي تتمثل بأهمية دعم وتعزيز فرص الدراسة العليا لخريجي البكالوريوس، لأنها تصب في خدمة العلم.
ولكي لا يتبعثر الوقت من جهة ونخسر أموالًا طائلة تتوزع بين المقاعد الدراسية في الدول من جهة اخرى، فأنا أعتقد جازمة أن الوقت قد حان لإعطاء التراخيص للجامعات الأهلية، لفتح ابواب التقديم على الدراسات العليا بمقاعد كافية، يكون التنافس عليها غير (محموم) ولا يخضع لشروط قاسية. فمثلما تستقبل هذه المراكز الدراسية أعدادا هائلة من الطلبة في الدراسات الاولية، نتمنى أن تستقبل أيضا طلبة دراسات عليا بأعداد معقولة سنوياً.
وهي بهذه الخطوة تكون قد استفادت وأفادت، استفادت مادياّ باعتبارها مساحات استثمارية متعارفا ومتفقا عليها في كل دول العالم، وأقصد الدراسات الأهلية، وأفادت عشرات الطلبة الذين يحلمون ويتنافسون للحصول على مقاعد دراسية في الماجستير أو الدكتوراه.
وبطبيعة الحال أن هكذا اجراء علمي، لن يتعارض مع من يرغب بالدراسة على النفقة الخاصة في الدول العربية والغربية على حد سواء، خاصة ممن يتمكنون مادياً من تغطية نفقات هذا النوع من الدراسة، إلا أن ما ذهبت اليه من مقترح لزيادة المقاعد الدراسية أو بالأحرى أتاحتها في الجامعات الاهلية، هو فرصة لذوي الدخل المحدود ممن لا يمكنهم السفر وقضاء أوقات طويلة بعيدا عن بلدهم، أو حتى لأسباب اجتماعية إنسانية أخرى، مثل صعوبة سفر المرأة المتزوجة أو العزباء على حد سواء.