الإعلام الغربي وخطاب العدوان

قضايا عربية ودولية 2024/01/07
...

علي حسن الفواز


فضحت وسائل الإعلام الغربية الطابع العنصري لسياسات أحزاب اليمين المحافظ في الغرب، على مستوى تغطيتها الإخبارية للعدوان على غزة، وعلى مستوى إذكاء الخطاب العنصري، والتعامل بنوع من الإثارة والانحياز مع الأحداث، وكأن هذا الخطاب أصبح فرصة للتعبير عن مواقف سياسية، أكثر منها إعلامية، وهذا ما يُفقده المهنية والموضوعية والإخلال بميثاق العمل الإعلامي.

تحويل الخطاب إلى ناقل سيء ومشوّه للأحداث، يعني تمثيلاً وانحيازاً إلى آلة  العدوان، وإلى وضع هذا الخطاب الإعلامي في "خدمة" القوة العسكرية، وبالتالي التعمّد في تبنّي مواقف معينة لطرف على حساب طرف آخر، عبر تشويهه، واتهامه، وهي ممارسة أخلاقية وأيديولوجية لا علاقة لها بالحيادية في صياغة ونقل الخبر، وفي كتابة التقرير الصحفي، أو في إجراء الحوارات الصحفية.

التعامل العنصري مع الحدث الفلسطيني، ومقاطعة أيِّ نقد لآلة العدوان جعلا من الخطاب الإعلامي الغربي فاعلاً منحازاً في الصراع، لاسيما في إجراء التغطيات الإخبارية الشاملة حول ما يحدث في غزة من جرائم كبرى، من خلال استدعاء ضيوف معينيين وإحراجهم، أو اختيار ضيوف أو خبراء لديهم وجهات نظر منحازة، وهو ما يُخلّ بالتوازن والموضوعية، وحتى اعتماد طرق تهكُّمية أو ساخرة أو التعتيم على أحداث خطيرة، وعلى نحوٍ يجعل من التغطية الإعلامية أقرب إلى التضليل، وإلى إحراج أيّ ضيف يفضح هذا العدوان، ويعدّه خرقاً للقيم والإنسانية، وحتى لقواعد الاشتباك في الحرب، لأن مايجري في غزة هو عدوان وحشي وقتل ممنهج للأبرياء، وتدمير للأحياء والمؤسسات والبنى التحتية.

ما تقوم به وسائل إعلامية غربية متعددة، فضائيات ووكالات أنباء وصحف، مثل قناة Tok Tv  يفضح السياسات التي تقف وراء تلك الوسائل، فتبدو لغة خطابها الإعلامي منحازة، ولها أهداف محددة، لاسيما في اختيار الضيوف، وممارسة الضغط عليهم، وحتى اتهامهم باتهامات شتى، ولعل اللقاء الأخير الذي أجرته هذه القناة مع مصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الفلسطينية، وإحراجه بالأسئلة، واتهامه بالعنصرية بعد أن وجّه نقداً لاذعاً لرئيس وزراء الكيان الصهيوني "نتن ياهو"، يكشف عن الطابع المنحاز لهوية هذا الخطاب، وعن لا مهنيته، ودوره المُساند للعدوان، وحتى في تغذية الأفكار العنصرية المعادية للشعب الفلسطيني، وصولاً إلى قيام بعض الشبكات الإعلامية بدعوة مراسليها وكتّاب تقاريرها إلى اعتماد "قاموس إعلامي" محدد في التعاطي مع الأحداث، ومع التغطيات الخبرية للعدوان على غزة، وفي التعتيم على جرائمه الإنسانية.