د. حميد طارش
اعتمدت الدول نظام الحكومات المحلية وفقاً لمبدأ اللامركزية الإدارية، الذي ثبت نجاحة لعدة أسباب منها، إتاحة ممارسة الديمقراطية لسكان المناطق المحلية في اختيار الأشخاص المؤهلين لادارة مناطقهم وتلبية احتياجاتهم، ولتخفيف العبء عن كاهل الحكومة المركزية في الانشغال بالمهام المحلية، وأغلبها خدمية، وذلك للتفرغ للمهام الستراتيجية الكبرى والمهام التي أصبحت تتكاثر
باستمرار نتيجة التطورات العلمية والاقتصادية والاجتماعية، كما تمتاز الحكومات المحلية بقدرتها على انجاز المشاريع والاهداف المحلية بطريقة أفضل من الحكومة المركزية لبساطة الإجراءات وتجنب الروتين والحلقات الزائدة، التي تتسم بها الهيئات المركزية فضلاً عن كونها الأدرى بما تحتاجه المناطق المحلية، وتستطيع الإدارة اللامركزية مواجهة الازمات المحلية بطريقة اسرع وانجح كونها على علم ودراية بخلفيات الازمة وما يناسبها من حلول، والسمة الأهم للحكومات المحلية التي يجب ان ترفع درجة عملها وجديتها وحرصها أنها ستكون موضع رقابة واضحة للسكان المحليين، الذين يعرفون أسماء وتاريخ أغلب مسؤولي تلك الحكومة مما يجعلهم عند الفشل خارج إطارها في الانتخابات القادمة.
وتكون الحكومات المحلية بعيدة عن العمل السياسي، وهي في الغالب، تؤدي مهام خدمية تخص المواطن، أي هي قريبة من المواطن ولايشعر الأخير بأنها تسوّق فشلها بالشعارات السياسية، بمعنى آخر هي اكثر واقعية إذ تسوّق أهداف كيانها السياسي عن طريق خدمة المواطن، وهذه بطبيعة الحال، معايير العمل اللامركزي الذي لم تصل له الدول إلّا بعد عناء ومشقة وجهود الباحثين، بخلاف تخلّي العراق واستغنائه عن مجالس المحافظات لمدة عشر سنوات بسبب الفشل الذريع وهدر الأموال، وربما لولا النص الدستوري على وجودها لاستمر إلغاؤها، بل حتى إجراؤها جاء في سياق عمل سياسي لمواجهة أزمات سياسية.
الّا أن نجاح بعض المحافظين وفوزهم الانتخابي الملموس قد يعطي رسالة لكل من يصبح محافظاً، مفادها بأن النجاح قرين العمل ويحقق عدة أهداف في آن واحد، منها طموحات المواطن الذي ستعيد له الثقة بجدوى الانتخابات التي عزف عنها، وبث الأمل الذي أفل في بناء وطن يحقق الكرامة والرفاه لابنائه، وفوز كياناتهم السياسية في انتخابات مجلس النواب القادم.