الفضائح المستترة في استلاب فلسطين

منصة 2024/01/10
...

 د. نادية هناوي

يقف كتاب (مسألة فلسطين)  1980 على رأس أعمال ادوارد سعيد المؤلفة من أجل الدفاع عن القضية الفلسطينية، فبعد عام واحد أصدر كتابه( تغطية الإسلام covering Islam) وترجم إلى اللغة العربية 2005. وفيه قدم ادوارد سعيد شروحا وافية للكيفية
التي بها تحكمت أجهزة الإعلام وخبراء السياسات الغربية في فبركة القضية الفلسطينية أمام الرأي العام العالمي. وفي
عام 1994 نشر ادوارد سعيد كتابه (سياسات السلب والتجريد: الكفاح الفلسطيني في سبيل تقرير المصير 1969-1994  
(The politics of determination ; the struggle for Palestinian self dispossession 1969-1994 )
وعلى الرغم مما في هذين الكتابين وغيرهما من المقالات والدراسات من استقراءات وتحليلات واستنتاجات لها صلة وثيقة بالشأن الفلسطيني، فإنها بالمجموع تسير في ركب الكتاب الأول (مسألة فلسطين) ووصفه ادوارد سعيد بـ (أنه يعرض للصراع ما بين السكان العرب الأصليين لفلسطين ومعظمهم من المسلمين وبين الحركة الصهيونية - إسرائيل في ما بعد - ذات المنشأ الغربي التي تنتهج في تعاملها مع حقائق الواقع الشرقي نهجا غريبا إلى حد كبير.
وتحاول دراستي عن فلسطين وبمنهج أشد صرامة من منهج الاستشراق وصف ما اختفى تحت السطح في الرؤى الغربية للشرق، وهو في هذه الحالة الكفاح الوطني الفلسطيني في سبيل تقرير المصير) ( تغطية الإسلام، ص27).
وفي المبحث الثاني من الفصل الأول (فلسطين والغرب الليبرالي)، يواصل ادوارد سعيد عرض(مسألة فلسطين) معرِّيا افتراءات الصهاينة، وفاضحا مزاعم الصهيوني حاييم وايزمان( 1874- 1952) وما اختلقه حول العرب سكان فلسطين الأصليين من أباطيل، بها ضلل الغرب عامة وخدع بريطانيا خاصة بوصفها القوة الاستعمارية الأكثر هيمنة على منطقة الشرق الأوسط.
يقول ادوارد سعيد في هذا المبحث: (كان أحد الجوانب الجوهرية والقوية في القمع الواقعي الممنهج ضد العرب في فلسطين يتمثل في تجاهل حقائق كانت موجودة قبل ظهور دولة إسرائيل، وبالطبع بعد ظهورها، فلم يُقبل العرب أبدا أعضاء في المستوطنات  kibbutzالتي بُنيت في الاراضي المصادرة من العرب.
وبدلا من محاولة الرد على الاتهامات الموجهة إلى السياسة الصهيونية تجاه العرب في فلسطين، لم يقل المتحدثون باسم الصهيونية شيئا عنها- اي المستوطنات-  فبدت كأنها تنشأ وتزدهر بصورة عفوية على أرض غير مأهولة!!.
ولقد أدى المهاجرون اليهود دورا كبيرا في بنائها كمؤسسات للعمالة اليهودية التي تتحدث العبرية المحدثة Ivrit والهدف بحسب عاموس ايلون  Elon ( إنشاء قطاع اقتصادي مخصص للوافدين اليهود إلى فلسطين كجزء من مشروع صهيوني، لا يجوز تشغيل العمالة المحلية (العرب) مع اليهود في اعمار البلاد) إذ غن على اليهود أن يفعلوا كل شيء بأنفسهم. وكان السكان المحليون العرب يفيدون بشكل غير مباشر من التحسن العام والانتعاش الاقتصادي، وخاصة في التجارة، ولكن من الآن فصاعدا وجب على اليهود أن يحاولوا الاكتفاء ذاتيا، وأن يقوموا بكل الأعمال البدنية بأيديهم بما في ذلك الأعمال الأكثر مشقة والأقل أجرا والأكثر ضعة، مدركين أنه إذا لم يكن هناك استغلال للعمالة العربية، فإن العرب لن يتمكنوا من معاداة الصهيونية. وكانت Avoda Ivrit مبنية جزئيا على وهم عقائدي ومليئة بالتناقضات الفكرية. وهي في الواقع ابتكرت كثقافة فرعية متحررة من متطلبات المجتمع وليست متطفلة عليه أيضا. وفوق كل هذا تتمتع بنوع من الحصانة واقعيا سواء أكان هذا الواقع تركيا أم بريطانيا أم عربيا، مما سمح لأعضائها بالانغماس الجماعي في تطلعاتهم.
كانت التبعة الأساسية والمباشرة هي خسارة السكان العرب المحليين لبلدهم لكن وجهة نظر ايلون بشكل عام حول عودة Avoda Ivrit مقبولة كوسيلة من وسائل الصهيونية للسيطرة على الأرض واستلابها من أهلها، وبشكل لا يسمح لأي أحد أن يقول إنه كان هناك استغلال بالمعنى المباشر وبقوة موضوعية. ومن ثم ستقوم الصهيونية بعملها وستنتصر في معاركها الأولى على الارض، وما من أحد ضدها ( من الآن فصاعدا تعني كلمة أحد كل من هو غير يهودي)
لاحظ أيها القارئ أنه حتى ايلون لم يستطع رؤية الفارق الأخلاقي بين الواقع البريطاني والواقع العربي داخل فلسطين. ولم يخطر بباله أن الوجود الأصلي بحكم قوة حضوره المتواصل على ارض فلسطين لعدة قرون كان ولا يزال يتمتع بسلطة أخلاقية اكبر، مما لا يقاس بسلطة القوة الاستعمارية الأوروبية.
وبذل الصهاينة بعد عام 1948 قصارى جهدهم كي يقضوا بشكل تام على العرب الفلسطينيين، وتجلت وجهة النظر هذه واضحة في قول وايزمان: ( لقد كان تطهيرا معجزا للأرض وتبسيطا معجزا لسياسة إسرائيل).
ولقد قام وايزمان بمد الصهاينة بدعم عواصم الغرب الكبرى فمن ناحية قام بالتقليل من اهمية المقاومة الشعبية العربية ضد الصهاينة فتجاهلها الغرب، ومن ناحية أخرى زعم أن الصراع هو صراع الصهاينة مع بريطانيا التي تمنعهم من التغلغل المتزايد في فلسطين. مما جعل القضية لا تبدو بالمهمة أو الكبرى بالنسبة الى العالم ما بين الاعوام 1922 -1947 مما كان الفلسطيني يتمنى أن تظهر قضيته للعالم، فيعرف أن الصراع هو صراع سكان عرب محليين مع غزاة مستعمرين جدد.
إن المفارقة في هذا الانجاز المعرفي الرائع  هي البحث عن مصطلح فلسفي، لأنه لا يوجد مصطلح آخر كافٍ للتعبير عن المحو التام لحقيقة أكثر من مليون مواطن عربي. وتتضح المفارقة أكثر حين نتذكر أنه عام 1948 وفي اللحظة التي أعلنت فيها إسرائيل دولة، كانت هي في ذاتها تعتبر نفسها دولة وهي لا تملك قانونيا سوى أقل من 6 بالمئة من ارض فلسطين، وكان سكانها من اليهود يشكلون جزءا صغيرا من إجمالي عدد الشعب الفلسطيني. إن تساوق هذا الموقف مع  Avoda Ivrit يكاد يكون كاملا فخاطب الصهاينة العالم بوصفهم مظلومين، وان القوة الاستعمارية البريطانية تجاهلت عداوة الشعب الفلسطيني لهم، ولم تقل شيئا عنهم لفترة طويلة كما لم تنظر بمباشرة الى معاناتهم. من الواضح أن انتشار الصهيونية في الغرب كان من خلال الجاليات اليهودية في الغرب. وان جوهر الحملة الصهيونية كان ولا يزال حتى يومنا هذا هو غزو فلسطين. ولقد وظفت في سبيل هذا الهدف شتى المزاعم التي تجعل كل معارضة غربيّة غير مقبولة. وكان لهذا تأثير مهم، جعل معظم الغرب الليبرالي المستنير يخضع لهذه الفكرة. واسمحوا لي أن أعطي بعض الامثلة على ما اعنيه؛ فهرتزل صوّر الفكرة الصهيونية في تسعينيات القرن التاسع عشر ولأول مرة بانها حركة لتحرير اليهود وحل مشكلة معاداة السامية في الغرب. وقد اتخذت التطورات اللاحقة لهذه الفكرة من فلسطين مكانا يتم فيه تحقيق مفهومها ماديا (بعد أن يتم النظر في واقع أميركا الجنوبية وشرق افريقيا)، فضلا عن الرابطة الروحية المصورة في شكل عهد قطعه الرب لليهود كما اعتبروا فلسطين مقاطعة متخلفة في امبراطورية اكثر تخلفا لذلك كان جهد جميع المدافعين عن الصهيونية منذ البداية هو المطالبة بفلسطين أرضا متخلفة وغير مأهولة الى حد كبير، لتكون مكانا يمكن لليهود ان يتمتعوا فيه بامتياز تاريخي فريد يعيد تشكيل الأرض ويحولها الى وطن لليهود. ومن يعارض مثل هذه الفكرة في الغرب فهو على الفور سينضم الى معاداة السامية هذا من ناحية ومن ناحية اخرى كان دعم الصهيونية يعني القيام بعدد من الاشياء الاكثر اثارة للاهتمام والمقبولة أكثر من كونها مجرد إزاحة مجموعة غير مثيرة للاهتمام من السكان الاصليين العرب.
لقد كان مرة اخرى حل مشكلة محددة بحل محدد هو احتمال -كما سنرى- يحمل في داخله ليس فقط ايديولوجية استعمارية ولكن ايضا موقفا منضبطا للحل الاجتماعي الايجابي كقضية اجتماعية، فضلا عن ذلك اكتسبت فكرة الدولة اليهودية أو الحركة اليهودية هالة دبلوماسية ومكانة خاصة منذ ظهور الفاشية في أوربا. فبدا الأمر وكأن هناك شعبا تم تحديده منذ العصور القديمة بأرض اسرائيل وتم توصيفه، ايضا كتاريخ عجيب من المعاناة والعظمة الأخلاقية والثقافية، وقبل كل شيء بالتشتت. فكانت فلسطين هي الحل المحدد الاكثر ليبرالية من بين جميع الحلول لمشكلاتهم واحتياجاتهم. إن معارضة هذه الخطة كما قلت أعلاه يعني أن يجد المرء نفسه بلا مكان في الغرب يمكنه الوقوف فيه، وهذا لا يزال إلى حد ما صحيحا حتى اليوم.
لقد سعت الصهيونية دائما الى الحصول على احتياجات محددة حول: الهجرة، المستشفيات، ولاحقا الاسلحة أي المال للدفاع عن نفسها. هذه الاحتياجات جذبت الدعم، ذلك ان مجرد نفيها يجعل الأمر يبدو في الأساس نفيًّا عاما. حتى الكاتب العظيم جورج انطونيوس جعل عنوان كتابه (يقظة العرب The Arab Awakening) وليس (الوجود الفلسطيني) لأن ذلك سيفهم كما قال من ناحية تعريب وأسلمة الشرق الأدنى بأكمله. وكل من يشعر بالشكوك بين الحين والآخر حول الغزو الصهيوني لفلسطين، لا بد من أن يواجه حقيقة مفادها بأن أي دعم هو نتيجة تكتل عربي إسلامي ..لقد احتل الصهاينة مكانا ساعدهم في تفسير الواقع العربي للغرب بحجج يمكن للغرب أن يفهمها ويقبلها بسهولة على وجه الخصوص وبشكل عام.
أما رفض قبول الحجج الصهيونية، فإنه يجعل اي شخص في الغرب أمام أضعف الخيارات؛ فهو أما يكون ببساطة سلبيا معاديا للسامية أو يكون مدافعا عن الاسلام والعرب. وفي أي من هذين الحالين يكون الخيار فظيعا للغاية.
وعلى النقيض من ذلك قدمت الصهيونية حل محددا ففي نهاية المطاف من ذاك الذي يستطيع أن يقول ما الذي كان يريده العرب والإسلام؟ بل حتى طرح مثل هذا السؤال يجعل من الممكن آنذاك (وللآن للأسف) القول بأن العرب كانوا عبارة عن كتلة كاملة من الأشياء غير السارة بشكل عام. وحين يتم تقديمها على إطلاقها، كانت تلقى استقبالا مخيفا.
والحقيقة أن العرب كانوا غير متمكنين أبدا من الحديث عن أنفسهم. ومن المفارقة أن العرب وعلى الرغم من ظهورهم السياسي الواضح بشكل تزايد، كان هو السبب وراء حرمانهم بأغلبية ساحقة من مكان لائق كي يكونوا على الارض اليوم. على سبيل المثال منظمة التحرير الفلسطينية معترف بها من قبل اكثر من مئة دولة، وبالطبع جميع الفلسطينيين أيضا بوصف المنظمة الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. لكن على العكس من ذلك فإن كامب ديفيد على وجه التحديد ادعت أن حق التمثيل الفلسطيني هو في الأمم المتحدة وإسرائيل ومصر فقط.
وما يجعل الصهيونية جاذبة للدعم أي ذات دعم حقيقي هو تجاهل قادتها للعرب عندما يكون من الضروري التعامل معهم. ومثلوا الأمر للغرب كشيء يمكن فهمه بصورة محددة .
وبين الصهيونية والغرب كان ولا يزال هناك مجتمع اللغة والأيديولوجيا والى حد كبير تقليد عداء الغرب للإسلام على وجه الخصوص وللشرق بشكل عام. وقد قمت بتوثيق هذا التقليد بالتفاصيل في مكان آخر وأحيل القارئ الى دراستي لما سميته (الاستشراق) وفيه تفاصيل سرد تاريخي طويل ومتسق يبلغ ذروته اليوم.
على سبيل المثال أن المجموعة العرقية الوحيدة عمليا هي المجموعة، التي يتم التسامح مع افتراءاتها العنصرية في الغرب، بل يتم تشجيعها ضد العرب المسلمين من خلال تصويرهم بالشراسة والدناءة وإلصاق الرذيلة المنحطة والفجور والغباء بالخطاب الشعبي والعام. على هذا التصوير الجمعي للعرب والإسلام، اعتمدت الصهيونية كآبائها الأيديولوجيين الغربيين فرسمت كما رسموا وعملت، حيث عملوا على هذا المثال وتلك الكيفية، ممتعين من خلال ذلك بالدعم وحاصلين على المنح المسيسة والمعلومات الإيديولوجية وفي الوقت نفسه كانت تبدو أكاذيبهم كأنها هي الحقيقة الموضوعية.
بادئ ذي بدء أخذ الصهاينة على عاتقهم -بوصفهم شعبا شرقيا حرر نفسه جزيئا من أسر التجاوزات الشرقية- أن يشرحوا حقيقة العرب الشرقيين للغرب، ويتحملوا مسؤولية التعبير عن حقيقة: ماذا يشبه العرب؟ ولم يسمحوا للعرب ابدا بالظهور معهم مع أنهم موجودون في فلسطين. هذه الطريقة الصهيونية كانت دائما تبدو منخرطة في الحقائق المحلية للوجود في الشرق الاوسط. على سبيل التمثيل، تأمل هذه الرسالة المؤرخة بتاريخ 30 مايو 1918 أرسلها وايزمان الى بلفور وهي تكشف بشكل غير طبيعي ما تقدم:
(أحاول بشعور كبير بالمسؤولية أن اكتب اليكم عن الوضع هنا وعن المشكلات التي تواجه اللجنة الصهيونية. العرب، وهم أذكياء ظاهريا وسريعو البديهية، عبارة عن شيء واحد وشيء واحد فقط هو القوة والنجاح، ومن ثم سيكون خطأ القول بأن هيبة بريطانيا قد واجهت طريقا مسدودا، إلا أنها بالتأكيد لم ترد مع علمها بالطبيعة الغادرة للعرب أن يراقبوا بعناية وباستمرار حتى لا يحدث أي شيء يسبب للعرب أدنى شك أو غضب أو شكوى.
بكلمات أخرى يجب احتضان العرب خشية أن يطعنوا الجيش في الظهر. والعربي بقدر ما هو سريع في قياس الوضع، يحاول الإفادة منه الى اقصى، ويبتز بقدر ما يستطيع. سمعت الصرخة الاولى عندما اعلن التصريح "أي الوعد" وضعت مختلف انواع التفسيرات والمفاهيم الخاطئة، قالوا: إن الانجليز سيسلمون العرب الفقراء إلى اليهود الأثرياء .. وأنهم على استعداد للانقضاض مثل النسور على فريسة سهلة ومن ثم سيطرد الجميع من الارض. وعلى رأس الإدارة نرى مسؤولين انجليز متنورين وصادقين، لكن بقية الجهاز الاداري بقي على حاله وجميع المكاتب مليئة بموظفين عرب وسوريين، ونحن نرى هؤلاء فاسدين غير فعالين ويشعرون بالندم على الايام الخوالي عندما كان البقشيش هو الوسيلة الوحيدة التي يمكن من خلالها تسوية الأمور. وكلما حاول النظام البريطاني أن يكون أكثر عدالة، يصبح العربي أكثر غطرسة. ويجب أن يؤخذ في الاعتبار أن الموظف العربي يعرف لغة البلد وعاداته وهذا امر معتاد لأنه من بلد عربي في نهاية المطاف. "" لاحظ كيف يجعل وايزمان الأمر يبدو كما لو أن العرب يمتلكون ميزة غير عادلة بمجرد وجودهم هناك فهم محتالون، وبالتالي لديهم ميزة كبيرة على الموظف الانجليزي العادل والنظيف والرسمي الذي لا يعرف خفايا العقل الشرقي، لذا فان الانجليز مطرودون حتما من قبل العرب"". الإدارة بهذا الشكل معادية لليهود والانجليز العادلين والمنصفين الذين يحاولون تنظيم العلاقات بين الجميع: العرب واليهود. "" أن وازيمان حريص للغاية على الحفاظ على التوازن ودليله الوحيد في هذا الوضع الصعب هو المبدأ الديمقراطي الذي يحسب للقوة العددية حسابا والارقام تعمل ضده فهناك خمسة عرب مقابل يهودي واحد"". إن الوضع الحالي يتجه بالضرورة نحو خلق فلسطين عربية اذا كان هناك شعب عربي في فلسطين "" هنا يستخدم وايزمان معايير الشعب المصممة خصيصا في القرن التاسع عشر لاستعباد السود الافارقة وهنود أميركا اللاتينية والتي تجرد هؤلاء من حق مقاومة المستعمرين البيض"" لن يؤدي ذلك الواقع إلى نتيجة لأن الفلاح متخلف عن الزمن بأربعة قرون والافندي غير أمين وغير متعلم وجشع وغير وطني وبليد.)
إن اطروحة وازيمان مفيدة في تحقيق هدفه الرئيس، وهو تعريف نفسه لبلفور بوصفه اوروبيا يعرف الفرق بين العقل الشرقي والعقل الغربي وتتبع هذا التفريق كل انواع الاستنتاجات الأخرى منها أن العرب شرقيون وأقل إنسانية وقيمة من الأوروبيين والصهاينة.
انهم غادرون غير متجددين.. والاهم من ذلك كله انهم لا يستحقون ان يمتلكوا بلدا خاصا بهم حتى وان كانت ميزتهم العددية تؤهلهم لذلك"" يلخص وايزمان بشكل اساس افكار جون ستيورات ميل حول التمثيل الحكومي وبسببها حُرم الهنود من حقهم في حكم انفسهم لان عليهم الجري قرونا خلف اللغة الانجليزية. بهذا الشكل حددت الهوية الشاملة للصهيونية بأبشع صورها الاوروبية، مما سهل على وايزمان الهيمنة الثقافية والعنصرية وهو الذي عُرف بخبرته وتخصصه بالشرق والقبائل العربية فاندمج الصهيوني بالأوروبي الابيض ضد الملون الشرقي).