عبدالزهرة محمد الهنداوي
قد يبدو العنوان مشوباً بشيء من الغموض، وعدم الوضوح، فما المقصود بالتنمية الطرفية؟، وهنا قد يكون المصطلح الأقرب لهذا المفهوم، هو التنمية المكانية، ولكن هذا لا يغطي ما يريده مفهوم المصطلح الأول، إلا بمساحة محددة، فالثاني يعني التنمية على مستوى المكان -أي مكان-، أما التنمية الطرفية، فأعني بها تنمية أطراف المدن على وجه التحديد، إذ في الغالب تعاني هذه المناطق من إهمال متراكم، وبالتالي جعلها طاردة للسكان، في وقت فتحت فيه مراكز المدن أبوابها أمام هؤلاء الناس، وهذا الأمر أدّى بطبيعة الحال، إلى حدوث حالة اكتظاظ مزعجة في بطون المدن، ولم يقتصر الحال على الأحزمة والأطراف، إنما الزحف وصل إلى، الريف، فما زال الناس هناك يواصلون هجرتهم إلى المدن، ما ادى إلى تزايد سكان الحضر إلى نحو 70بالمئة مقابل تضاؤل سكان الريف، الذين انخفضت نسبتهم إلى 30بالمئة، إذ تلاشت العديد من القرى، نتيجة لهذه الهجرة المستمرة. ومع استمرار الأسباب الكامنة وراء هذا الإهمال وهذه الهجرة، ولعل في مقدمتها، شحُّ المياه، وما يرتبط بالتغيرات المناخية، ووجود مغريات التوظيف في مؤسسات الدولة والأجهزة الأمنية، وهذا دفع الكثيرين إلى استصعاب الزراعة في الريف واستسهال التوظيف في المدن!!، وهنا يأتي السؤال: هل بالإمكان أن يكون الحال أفضل مما كان؟، نعم بالإمكان.. وبالتأكيد أن القضية ليست بالسهولة التي نتصورها، إذ نحتاج إلى مشاريع عملاقة، لتحقيق التنمية الطرفية، ومثل هذه المشاريع لا تقتصر على جانب دون غيرها، إذ نحتاج إلى تحسين مستوى السكن، وما يرتبط به من بنى تحتية وخدمات، في مجال الصحة والتعليم، والطرق والماء والمجاري، والكهرباء، والملاعب الرياضية، وكذلك العمل بقوة على دعم الزراعة بشتى الوسائل، كالمكننة الزراعية، وتحسين نوعية البذور، وتوفير الكميات الكافية من مياه الري، عبر استخدام الأساليب الحديثة في الزراعة. وثمة بوادر مهمة بدأت ملامحها تظهر في الأفق، مشيرين بذلك إلى مشاريع المدن السكنية، وأولها مدينة الجواهري غرب العاصمة، المتوافرة على كل شيء، وثمة مدن أخرى عديدة، مماثلة، ستظهر تباعاً في بغداد، وباقي المحافظات، وجميعها ستكون على أطراف المدن، ما سيحقق توازناً مهماً، سكانياً، وتنموياً، وخدماتياً، بين المركز والأطراف، وفي ما يتعلق بالزراعة، فإنها هي الأخرى بدأت تشهد اهتماماً متزايداً، من قبل الحكومة، التي ما انفكت تقدم الكثير من الدعم، للمزارعين، الأمر الذي شجّعهم على التحول التدريجي، نحو تطوير وتحسين واقعهم الزراعي، وأن استمرار هذا الدعم، وتنفيذ هذه المشاريع سيحقق الكثير من الأهداف التنموية المهمة سواء على المراكز أوالأطراف.