منظمات المجتمع المدني.. ضعف الفاعليَّة

آراء 2024/01/11
...

  علي فائز  


يتأتى ضعف منظمات المجتمع المدني من عدم توفر بيئة آمنة لعمل هذه المنظمات، فضلًا عن ضعف التمويل، الأمر الذي يجعلها تنحرف عن المهام المناطة بها، والتي من أهمها دعم الديمقراطية وتعزيز المشاركة السياسية،

  كما أن افتقار هذه المنظمات إلى الخبرة اللازمة في تبني البرامج والسياسات التي ترتقي بالتجربة الديمقراطية وتنمية روح المشاركة، فاغلبها يقوم على شخصنة العمل، الامر الذي أدى إلى صراعات بين قياداتها، الامر الذي يفسر لنا أعداد المنظمات المهولة دون أي انجاز يعتد به على ارض الواقع.

اذ أعداد منظمات المجتمع المدني في العراق قد وصل إلى أكثر  5000 منظمة  بحسب آخر احصائية منشورة، وعلى الرغم من دورها المحوري بكونها قنوات وسيطة بين ما يحتاجه الناس وصانعي القرار، الا انها لم يكن لها دور فعال يعتد به، إذ اغلبها كان وسيلة لاستحصال الأموال من المانحين.


   كما أن بعضها مرتبط بالأحزاب السياسية، وذلك طمعًا بالتمويل من جانب هذه المنظمات واستحصال الأصوات الانتخابية من جانب هذه الأحزاب، وبعضها يستخدم كغطاء لأنشطة تجارية تستثمر مأساة الناس من اجل الكسب غير المشروع وتحصيل المنح المالية الضخمة من المنظمات العالمية. 


 بنيويًا  وعطفًا على ما سبق تتسم هذه المنظمات بالتشظي؛ إذ إنها تفتقر إلى روابط مؤسساتية بين المحافظات، والتي من شأنها أن تنسق للعمل في ايصال اصوات المواطنين  بكل سهولة، وهذا التشظي في تنظيمات المجتمع المدني انعكس ايضًا على تنسيق نقل مطالب الناس وتمثيلهم امام اصحاب القرار، إذ إن التنسيق  يحتاج إلى عمل مؤسسي يتوسط بين الجماعات المحلية والمركزية.

  ويمكن أن نضيف أسبابا أخرى تتعلق بمدى فهم النخب السياسية لدور منظمات المجتمع المدني، كما أن هذه المنظمات لا تمتلك القوة والفاعلية لمواجهة الاحزاب السياسية، أو تضع خطًا فاصلًا بينها، والنأي بعيدًا عن إغراءاتها ومؤثراتها، وبالتالي تخضع لأعراف وتقاليدها وتكون منظمات، منخورة من الداخل واحيانًا تكون المنظمة ذاتها واجهة لجهة حزبية أو دينية.

وخلاصة  لما تقدم فإن هذه المنظمات لم تؤدِ دورًا كبيرًا في عملية التحول الديمقراطي وذلك لعد أسباب أهمها:

• الأسباب البنائية: وهذه تتعلق بالسياق البنائي للمجتمع وما يتصف به من مناخ ديمقراطي، هل يؤمن بالديمقراطية والمشاركة السياسية، هل البنية المجتمعية وثقافة المجتمع ملائمة مع عمل هذه المنظمات وأهدافها. 

• الأسباب الأمنية: وذلك بسبب العنف السياسي ولأجرامي فضلًا عن النزاعات الاستبدادية التي تظهرها الحركات المتطرفة، والتي تضايق الناشطين وتتهمهم بالعمالة للخارج.

• الفساد المالي: وهذا يحصل بسبب عدم توفر الغطاء الرقابي من قبل المانحين، إذ غالبًا ما يستخدم التمويل لغرض المنافع الشخصية وسوء استخدام التفويض.