عامر جليل ابراهيم
تصوير: اعلام الأمانة العامة للمزارات الشيعية
في ناحية الشوملي بمحافظة بابل وبين بساتينها ونخيلها الشامخ، وعلى بعد 75 كم تقريبا عن مركز المحافظة يقع مزار السيد الجليل عبد الله العسكري الذي يعود نسبه الى شجرة الإمامة الطيبة، فهو حفيد الإمام الكاظم {عليه السلام}، وأحد معاصري الإمام الحجة {عج}، ولكي نقف على اهم معالم هذا المرقد الشريف، زارت {الصباح} ضمن سعيها للتعريف بالسياحة الدينية في ربوع العراق من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه هذا المرقد الشريف، ليكون في استقبالنا المهندس احمد مهدي عبيس الأمين الخاص لمزار عبدالله العسكري {ع} فحدثنا قائلا:
العسكري
في البداية لا بد من القول في ما يخص ولادة السيد عبد الله العسكري أن المصادر التاريخية لم تحدد ولادته على وجه الدقة، ولكنها كانت على الاغلب في شهر شعبان المبارك، وكذلك لم تشر هذه المصادر إلى الواقع التاريخي الذي عاش فيه هذا البطل الهاشمي، لاسيما إذا عرفنا أن عمره تجاوز الخمسين عاماً، فإنه يكون قد أدرك الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، وتضيف تلك المصادر انه كان احد المعاصرين للامام الحجة (عج)، ما يقرب من 71سنة وكان استاذ الفقهاء في وقته وتحدث عنه الخطباء من على المنابر ومن أبرز المعارك التي قادها هي معركة شيراز، التي كانت بقيادته وانصاره والموالين له ضد الدولة العباسية والتي أدت الى استشهاده هو وانصاره، ودفن في هذا المكان المبارك وسمي بالعسكري نسبة الى المعارك التي قادها، وبهذا فتاريخ استشهاده كما تشير المصادر التاريخية المعتبرة الى انه كان في العام 315 هجرية وفي يوم 16 رجب تحديداً في زمن الغيبة الصغرى للإمام المهدي المتوفى سنة 260 هجرية وهو على أقل تقدير كان في خدمة الإمام المهدي عجل الله فرجه وتشرف برؤيته والاستفادة من علومه وهذه بصمة واضحة المعالم في مسيرته الجهادية تستطيع تتنبأ من خلالها عظمة صاحب المرقد المبارك.
القرن الدموي
ويضيف المهندس عبيد قائلا: وعندما نقول إنه استشهد في القرن الرابع الهجري في حكومة بن العباس، فقد كان هذا القرن دموياً كبقية القرون لوحق به آل البيت وأتباعهم وشردوا عن أوطانهم وأبعدوا عن ديارهم إلى مختلف بقاع الأرض، وإلا فأن مكان هذا السيد الجليل في المدينة المنورة عند رحاب أجداده ينهل من معين علومهم ويأخذ من معارفهم ويعيش فيها برغد ونعيم جوار النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم، فكان اضطهاد بن العباس وجورهم هو من دفعه إلى أن يدخل معهم بمعركة عسكرية انتهت باستشهاده.
أكتشاف
وعن تاريخ اكتشاف القبر يؤكد الامين الخاص: ان اكتشاف قبر السيد عبد الله العسكري يقال انه كان من قبل السدنة قبل اكثر من 200 عام وهو في مكان مرتفع، فقرر السدنة الموجودون في هذه المنطقة أن يحفروا المكان الواقع على تل تحيط به المناطق الزراعية، وبعد الحفر وجدت صخرة منقوش عليها الاسم المبارك للإمام عبد الله العسكري، وبعد التحري والذهاب للمرجعية الدينية العليا في فترة الخمسينيات او الستينيات من القرن المنصرم، تم اثبات النسب الشريف، وتبين انه من أحفاد الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)، فبني القبر الشريف.
سورة الإنسان
تبلغ مساحة المزار الشريف حاليا 6672 م2 من ضمنها البناء وتقدر المساحة المسجلة رسميا 400 متر، وتبرع اصحاب البساتين القريبة من المزار بأجزاء من اراضيهم لتضاف الى المزار الشريف، وشهد المزار ثلاث مراحل للبناء: المرحلة الأولى كانت في العام 1930م وقد شيدت القبة الشريفة فوق القبر الطاهر حسب ما يذكره المؤرخون، أما المرحلة الثانية فكانت في العام 1967م وتمت فيها توسعة الصحن الشريف لاستيعاب الأعداد المتزايدة للزائرين، بينما كانت المرحلة الاخيرة للبناء في العام 2012 م وقد تم رصد مبلغ المشروع من ديوان الوقف الشيعي واعداد التصاميم والمخطوطات الهندسية المعمارية والإنشائية والكهربائية والميكانيكية في الامانة العامة للمزارات الشيعية، والتي تضمنت هدم وإعادة بناء الحضرة الداخلية للمزار الشريف بمساحة تقدر (750) مترا مربعا تقريبا، وبناء قبة فوق القبر الشريف بارتفاع 17،6 متر وبقطر 7،6 أمتار تم تغليفها من الخارج بالكاشي الكربلائي فيروزي اللون، ويحتوي الجزء العلوي منها على نقوش هندسية ونباتية، بينما تم تزيين عنق القبة الخارجي بالكاشي الكربلائي المنقوش عليه آيات قرآنية من سورة الفجر، فيما تم تغليف القبة من الداخل بأعمال الزجاج (العين كار) المتضمن أيضا نقوشا هندسية وألوانا زاهية تسرّ الناظرين، وأيضا تم تغليف قاعدة عنق القبة من الداخل بالكاشي الكربلائي منقوش بآية قرآنية من سورة الإنسان، وكذلك يحتوى على (12) شباكا من الخشب على عدد الائمة المعصومين (عليهم السلام) تتوسطها ثرية كبيرة بقطر ثلاثة أمتار وبطول ستة ونصف متر تقريبا باللون الذهبي، وأيضا تحتوي الحضرة الداخلية على مصلى الرجال ومثله للنساء تبلغ مساحة المصلى الواحد 148 مترا تقريبا وكذلك يشتمل المشروع إنشاء مئذنتين بارتفاع 23 مترا تم تغليفها من الخارج بالمرمر وطابوق (الجفقيم) والكاشي الكربلائي الذي يتضمن على آيات قرآنية في منطقة حوض المنارة، وأيضا احتوت المنارة على جزئين الأول مكعب والآخر إسطواني وكذلك يتضمن البناء ارتفاعات مختلفة يكون ارتفاع سطح الأول ستة أمتار ونص من الأرض الطبيعية، أما سطح الثاني فيبلغ ارتفاعه سبعة أمتار ونصف، أما الاعمال الكهربائية فقد تضمنت منظومة إنذار الحريق ومنظومة مانعة الصواعق ومنظومات الانارة ومخارج القدرة الكهربائية والمنظومة الصوتية ومنظومة كاميرات المراقبة وإما الأعمال الميكانيكية فقد تضمنت ربط أجهزة التبريد المركزي في المزار الشريف وكذلك ربط منظومة تصفية المياه لتوفير مياه الشرب لزوار المرقد وأيضا تم بناء مجمع صحيات للرجال والنساء.
تعاز
وعن إحياء المناسبات والنشاطات التي تقام في المرقد الشريف حدثنا السيد باسم صبر عليان السعدي حيث قال: يشهد المرقد الشريف مناسبات دينية وثقافية على مدار السنة من دورات قرآنية ونشاطات ثقافية واحياء ذكرى استشهاد الامام موسى الكاظم (عليه السلام)، إذ يقصده الالاف من الزائرين لتقديم التعازي للسيد عبد الله العسكري باستشهاد جده (عليه السلام)، كما يشهد المزار حضور اعداد كبيرة من محبي أهل البيت (عليهم السلام) في الأول من محرم لاستبدال الراية لبدء موسم الأحزان.
الزيارات المليونيَّة
واثناء تجوالنا في المرقد الشريف التقينا بالسيد عقيل هاتف فاخر مسؤول الخدمات في المزار الشريف حيث قال: يتوافد على المزار يوميا الكثير من الزائرين من مختلف المحافظات العراقية وخصوصا في ليالي الجمع، ويقوم العاملون بالتعاون مع أهالي المنطقة بتقديم ما يمكن تقديمه للزائرين الكرام، ويستوعب المزار اكثر من (4) الاف زائر ويتضاعف العدد أثناء الزيارات المليونية، كما يستقبل المزار زواره من جميع انحاء العالم الاسلامي.