ترجمة: نافع الناجي
أطلق صياد الاسكلوب ياتشيو ناكاجاوا تنهيدة عميقة وهو يحمل صيده الضئيل من الزريعة في سلالٍ خاصة، في وقتٍ مبكرٍ من صباح أحد الأيام في أواخر العام المنصرم.
"نحو 30 في المئة منهم ماتوا"، هتف الرجل البالغ من العمر 67 عاماً والذي كان على متن قارب الصيد الخاص به بالقرب من ميناء يوموغيتا في خليج موتسو بمحافظة أوموري، وأضاف "لم أواجه شيئاً كهذا من قبل".
كان العثور على الكثير من الاسكلوب ميتاً أو يموت فجأة، هو بمثابة أدنى نقطة في مهنة ناكاجاوا التي استمرت 37 عاماً كصياد، ويقول "فتحت العديد من المحار اليافع، وتوقف نموها في منتصف الطريق".
ارتفاع درجات حرارة المياه
من الجاني يا تُرى؟.. ارتفاع درجات حرارة المياه الناجم عن الاحترار المناخي، لا يمكن لأحداث الاسكلوب تحمل درجات حرارة تزيد على 26 درجة مئويَّة. هذا العام على وجه الخصوص، بدأت درجات حرارة المياه في الارتفاع في وقتٍ أبكر من المعتاد، بسبب حرارة الصيف الشديدة التي "طهت" المياه المحليَّة. وحتى في أواخر تموز تمَّ تسجيل قراءة تزيد على 23 درجة على عمق 15 متراً في خليج موتسو. وظلت درجات حرارة المياه عند هذا المستوى لأكثر من شهرين، وكانت درجة حرارة المياه القصوى في أوائل أيلول أكثر من 4 درجات فوق المستوى القياسي في بعض المواقع.
وفي وقتٍ لاحقٍ، قتل 90 في المئة من صغار الأسكلوب في مكانٍ واحد، وفقا لتاتسونوري كوزوكا (42 عاماً)، الذي يرأس قسم المبيعات في جمعيَّة هيراناي التعاونيَّة لمصايد الأسماك، ويمثل صيد الجمعيَّة نحو نصف إجمالي ما تتحمله المحافظة. قال كوزوكا: "إنَّ تعريض الأسكلوب لدرجات الحرارة هذه يشبه استحمام الناس في الماء المغلي"، ويضيف "في بعض الأحيان، سمعت الصيادين يندبون أنه لن يكون لديهم ما يبيعونه خلال العام المقبل".
التأثير في المحاصيل
كما جعلت حرارة الصيف الشديدة وجودها محسوساً في طعامٍ شتوي شهي في محافظة كيوتو. أشار أحد المزارعين في كاميوكا، وهي منطقة في المحافظة تشتهر بإنتاج (اللفت شوغوين) عالي الجودة لاستخدامه في مخللات "سينمايزوكي"، إلى المحاصيل المتخلفة في زاوية تبلغ مساحتها 400 متر مربع من حقله الزراعي والتي لم يكن لديه خيارٌ سوى التخلص منها.
وقال المزارع البالغ من العمر( 54 عاماً) "لقد تخليت عن جني الحصاد في هذا القسم"، وكان قد تمَّ تأجيل الجولة الأولى من البذر بشكلٍ استباقي تحسباً لخروج الحرارة من المخططات هذا الصيف. ومع ذلك، فإنَّ درجات الحرارة المرتفعة لم تنخفض حتى مع وصول الخريف، بسبب الحرارة الشديدة كما لم يكن أداء البراعم جيداً أيضاً.
أدت الأمراض وأضرار الآفات إلى تفاقم المشكلة، وفشل اللفت المزروع في الجولة الأولى في النمو إلى حجمٍ لائق، كما أظهروا تغيرات في اللون الأمر الذي تسبب في تشويه "الجلد الناعم" المميز للخضراوات.
"كان هناك نقصٌ في المعروض من اللفت في أوقات ارتفاع الطلب"، يتذكر ممثل شركة Senmaizuke العريقة داياسو كو، في مدينة كيوتو. وأجبر الوضع داياسو على تأجيل مبيعات سينميزوكي إلى أواخر تشرين الأول، وعادة ما يصبح هذا النوع من المخلل متاحاً في أيلول.
في محافظة نيغاتا وأماكن أخرى، كانت كتل حبوب الأرز غير الناضجة المغطاة بالغيوم واضحة جداً خلال الصيف المنصرم أيضاً.
وأشار تومويوشي هيروتا، أستاذ الأرصاد الجويَّة الزراعيَّة في جامعة كيوشو، إلى أنَّ إنتاج بعض المحاصيل يتضاءل على الرغم من تزايد غلة المنتجات الزراعيَّة لكل وحدة مساحة بسبب التربية الانتقائيَّة وغيرها من التقنيات الزراعيَّة المتقدمة. وأكد هيروتا "الحقيقة هي أنَّ سرعة البحث ليست سريعة بما يكفي لمواكبة ارتفاع درجات الحرارة".
وسجل متوسط درجة الحرارة في اليابان رقماً قياسياً خلال الصيف الماضي. وقال مسؤول في وكالة الأرصاد الجويَّة اليابانيَّة "كانت القراءة مرتفعة بشكلٍ لا يصدق، متجاوزة بكثير التوقعات السابقة".
غليان الأرض
وجدت الأبحاث التي أجرتها جامعة طوكيو ومؤسسات أخرى أنَّ الحرارة الشديدة كانت شبه مستحيلة بدون الاحترار المناخي العالمي، بغض النظر عن مجموعة العناصر الضارة التي تمَّ طرحها في هذا المزيج.
تأثيرٌ آخر للاحترار العالمي هو أنّ نطاقات المطر على شكل خط هي 1.5 مرة أكثر عرضة لتشكيل وجلب الأمطار الغزيرة على الصعيد الوطني.
وكانت الكوارث المرتبطة بالمناخ واضحة في جميع أنحاء العالم، فعلى سبيل المثال، تمَّ تحويل مساحة شاسعة تعادل نصف حجم اليابان إلى رمادٍ بسبب حرائق الغابات في كندا. وضربت موجة من الفيضانات كوريا الجنوبيَّة والهند وليبيا، ولقي أكثر من 140 شخصاً حتفهم في الحرارة الحارقة في الولايات المتحدة.
عامل آخر هو احتمال أن تصعّد ظاهرة النينو الاتجاه الحالي للحرارة الشديدة، كما ضرب الجفاف والأمطار الكارثيَّة على التوالي أجزاء أخرى من العالم.
تظهر الإحصاءات الصادرة عن خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ في الاتحاد الأوروبي، أنَّ متوسط درجة الحرارة في العالم ارتفعت بمقدار 2 درجة أو أكثر عن مستويات ما قبل الثورة الصناعيَّة لأول مرة في ذلك اليوم. ووفقاً لمحاكاة الأمم المتحدة، ستصل الزيادة في درجة الحرارة العالميَّة إلى ما يقرب من 3 درجات بحلول نهاية هذا القرن، حتى لو نجحت البلدان في جميع أنحاء العالم في تحقيق أهدافها الحاليَّة للحد من انبعاثات الكربون. كما تشير دراسة إلى أنَّ موجات الحر الكارثيَّة ستحدث أربع مرات كل خمس سنوات مع ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 3 درجات، مقارنة بمرة واحدة فقط خلال خمس سنوات في الوقت الحالي.