العدالة الدولية

قضايا عربية ودولية 2024/01/28
...

علي حسن الفواز

ما قالته محكمة العدل الدولية في نظرها للعدوان على غزة، خلال جلساتها في لاهاي يكشف عن الحقائق التي حاولت أن تُخفيها الانتهازية السياسية، فاضحةً بذلك جرائم هذا العدوان، عبر توصيفه بأنه “تحريض على الإبادة الجماعية” كما أن عدم رفضها لطلب رد القضية من جنوب إفريقيا، يعكس مدى اهتمامها بخطورة ما يحدث في الأرض الفلسطينية، ورغم ما يحمله موقف المحكمة من تكييف قانوني لطلب جنوب إفريقيا، فإنه يضع هذا الطلب في سياقه القانوني، من خلال حيازته للشروط المتوفرة، والذي يدعو إلى ضرورة اتخاذ “إجراءات قانونية ضد الجهة المُحرضة على ارتكاب تلك الإبادة الجماعية” وهو أمرٌ يدخل في اختصاص محكمة العدل الدولية، وهي من أعلى الجهات القانونية في الأمم المتحدة، و تملك حق إدانة المسؤولين عن مثل هذه الجرائم، وبالتالي معاقبتهم جرّاء تحريضهم على الإبادة الجماعية.
ورغم أنَّ إجراء محكمة العدل الدولية لم يشمل وقف العمل العسكري، إلّا أنّه عبّر عن موقف صارم، ضد العمل العسكري الصهيوني في غزة، فكان لتصويت أغلبية أعضاء المحكمة لصالح القرار أثره في اتخاذ الإجراءات العاجلة بمنع الإبادة الجماعية، وهذا ما أكدته القاضية الأميركية جوان دونوغو، في كلمتها خلال الجلسة بالقول:” لقد خلصنا إلى وجود اختصاصنا، ومن حق جنوب إفريقيا رفع الدعوى ضد “إسرائيل” وأنها ترفض الطلب برد الدعوى”.
موقف الكيان الصهيوني الهستيري، الرافض للعدالة الدولية، قابله موقف أميركي مساند ومُندد بما اتخذته هذه العدالة من موقف قانوني وأخلاقي، وعلى نحوٍ  فضح فيه السياسات الأميركية التي تبدو وكأنها تختص بحماية هذا الكيان فقط، ولا علاقة لها بالشعوب الأخرى التي تتعرّض الى حروب عنصرية، وإلى إبادات جماعية.
ما تمخض من جلسات محكمة العدل الدولية تحوّل إلى نصر للمجتمع الدولي الحقيقي، ولحقوق الإنسان، مثلما تحوّل إلى فضح للعنصرية الصهيونية، وتنديدٍ بجرائمها ضد الشعب الفلسطيني، وإلى موقف تضامني دولي يُعبّر عن رفض الشعوب الأخرى لما يمارسه الكيان الصهيوني من انتهازية سياسية، ومن غرور وعنجهية، ومن اتهام تلفيقي بمعاداة السامية لكل المواقف الفاضحة لسياساته التي تطالب به كثير من دول العالم، التي وجدت في إجراءات محكمة العدل الدولية فرصة للمطالبة بموقف واضح لمنع “الكيان الصهيوني” من تنفيذ المزيد من أعمال الإبادة الجماعية في غزة وفي غيرها.