أزمة السكن المتفاقمة.. البحث عن حلول جذرية

العراق 2024/01/30
...

 بغداد: هدى العزاوي

أظهر تصنيف دولي جديد وجود تفاوت كبير بين الدول بنسبة ملكية المنازل، وبحسب التصنيف فإن العراق جاء بالمرتبة 111 عالمياً من أصل 196 دولة بنسبة الملكية، حيث أن معدل ملكية المنازل فيه يبلغ نحو 74 بالمئة، أي أن 26 بالمئة أو أكثر من ربع العراقيين يسكنون في الإيجار، وفيما قدّمت وتقدم الحكومات السابقة والحالية حلولاً لظاهرة أزمة السكن القديمة المتجددة، يرى مراقبون لهذا الشأن أن الحلول مازالت دون المستوى المطلوب.
وقال رئيس مؤسسة "أصول" للتطوير الاقتصادي والتنمية المستدامة، خالد الجابري، في حديث لـ"الصباح": إن "العراق يعاني من أزمة سكن حادة، حيث يصل النقص في الوحدات السكنية إلى خمسة ملايين على مستوى البلاد"، مبيناً أن "الأسباب تعود إلى سوء توزيع الأراضي وعدم استغلال وحدات السكن الشاغرة لتعويض هذا النقص".
وأضاف، "يعزى هذا العجز إلى استمرار تفاقم مشكلة توزيع الأراضي، وغياب سياسة وستراتيجية منتظمة للسكن، مما يحث على الحاجة إلى نمو من خلال إنشاء مدن جديدة، وهنا يبرز ضعف دور هيئة الاستثمار في السنوات العشرين الماضية وعدم وضوح ستراتيجيتها في توفير السكن".
وأوضح، أنه "من جهة أخرى، أعلن وزير الإسكان بنكين ريكاني عن خطة واعدة تستهدف إقامة مدن جديدة، حيث أحرزت الوجبة الأولى منها تقدماً ملحوظاً بإنشاء 200 ألف وحدة سكنية خلال ثلاثة أشهر بنسبة نمو أكثر من 3 بالمئة"، وبيّن أن "ذلك يعكس تفوق الوزارة على هيئة الاستثمار التي فشلت في تحقيق مثل هذه الإنجازات خلال 20 عاماً"، مشيراً إلى أن "ما يميز تلك المدن الجديدة هو ربطها بمراكز المدن الحالية وتوفير شبكة طرق تكون جزءاً من البنية التحتية للمدن الحالية".
ونوّه، بأنه "في سعي للتحول نحو مجتمع أكثر استدامة، تعمل المدن الجديدة على استثمار مبدأ كفاءة الطاقة، ويتضمن ذلك استخدام نماذج عزل للجدران والأسطح والجهات، مما يسهم بشكل إيجابي في تقليل استهلاك الطاقة لأغراض التدفئة أو التبريد، وهذه المدن هي: مدينة الجواهري ومدينة علي الوردي في بغداد، وضفاف كربلاء، والجنائن في الحلة، والغزلاني في الموصل وفي الفلوجة أيضاً".
وتابع الجابري، أنه "في مسعى لتجاوز وضع أزمة السكن، تسعى (هيئة المدن الجديدة) وهي إحدى تشكيلات وزارة الإعمار والإسكان والبلديات العامة إلى إطلاق حوالي 20 مدينة جديدة في ضواحي المدن الحالية في جميع المحافظات، مما يتيح للجمهور شراء وحدات سكنية بأسعار معقولة عبر دفع بدلات إيجار منتهية بالتمليك"، متوقعاً أن "تخفف هذه المشاريع من الأزمة الحالية في السكن وتعيد توازن العرض والطلب، وتسهم في تقليل أسعار المجمعات السكنية الحالية، وتقليص حالة الإيجار وحتى خفض الأسعار".
من جانبه، بيّن رئيس المركز الإقليمي للدراسات، علي الصاحب، في حديث لـ"الصباح"، أن "أزمة السكن في العراق قديمة ومتجذرة، فمنذ ثمانينات القرن الماضي لم تسع الدولة إلى توزيع قطع أراضٍ أو وحدات سكنية بين المواطنين مقابل زيادة كبيرة في معدلات النمو السكاني، الأمر الذي أدى إلى حدوث أزمة حقيقية بدأت تؤرق مضاجع المواطنين".
وأضاف، "قد نستطيع تشخيص أحد أسباب أزمة السكن المتمثل بمحدودية دخل الفرد العراقي مقابل عدم منح القروض والمنح من قبل المؤسسات والمصارف، الأمر الذي جعل الحصول على دار سكن صعباً للغاية، ولجأت أغلب العوائل إلى موضوع شطر البيوت وتقسيمها وفق خاصية الورث أو التوريث".
وأشار، إلى أن "تقارير وزارة التخطيط – وإن كانت غير دقيقة - لكنها تشير إلى نسب عالية من العراقيين ليس لديهم بيت ملك صرف، بل يسكن الكثير منهم بالإيجار، علماً أن قيمة الإيجار مرتفعة وقد تكلف المواطن راتبه بالكامل".

تحرير: محمد الأنصاري